كلام صريح _ سمية سيد _ الطوفان

تتهم الحكومة تجار العُملة والمضاربين بالقفزات المتسارعة لسعر الدولار .. والحكومة نفسها تعرف تجار العُملة بالاسم، ومواقع تجارتهم وحجم المبالغ التي يحتكمون عليها .
الحكومة أكبر مشترٍ للدولار الآن من السوق الأسود، لذلك فهي غير جادة ولا راغبة في محاربة تجار العُملة إلا عبر التصريحات الصحفية .
خلال الأشهر القليلة الماضية .هجمت الجهات الرسمية على شراء الدولار من السوق الأسود لاستيراد السلع الأساسية، بعد أن فشلت في وضع سياسات لاستيراد القمح والدقيق والوقود دون التدخل المباشر.
وهجمت الحكومة لشراء 30 مليون دولار من السوق الأسود في أبريل الماضي ، لدفع تعويضات أسر ضحايا المدمرة كول مما رفع سعر الدولار من 125 إلى 147 جنيهاً في أقل من أسبوع ، ثم شرعت في جمع تعويضات أسر ضحايا سفارتي دار السلام ونيروبي أيضا من نفس المصدر ليرتفع السعر إلى 200 جنيه ، خلال الأسابيع الماضية ، ليتواصل الارتفاع بصورة عشوائية إلى أن بلغ حتى كتابة هذه السطور مساء أمس 258 جنيهاً.
انفلات سعر الصرف ادى إلى انهيار اقتصادي ، تجلت مظاهره في كل أوجه الحياة .في ظل صمت رهيب من الجهاز التنفيذي وكل الأجهزة الأمنية التي من واجبها أحداث الاستقرار.
مسؤولية ما وصلت إليه البلاد من تدهور اقتصادي مسؤولية مشتركة بين كل مكونات الحكومة الانتقالية ..مدنية وعسكرية.. وتبادل الاتهامات بين الطرفين لن يجد، إذا لم يعمق الأزمة.
هناك من يرى أن المكون المدني بعيد أن إدارة العملية الاقتصادية ، ولا يملك آليات الحلول، فيما يسيطر الجيش والأمن والدعم السريع على مفتاح الحل والعقد، وإن ما يحدث الآن هو جزء من تخطيط كبير يرمي إلى تفويض الجيش وإزاحة حكومة حمدوك.. لكن مثل هذه التبريرات لن ترفع المسؤولية عن الحكومة وفشلها في إيجاد الحلول لانهيار العُملة الوطنية .
عوامل كثيرة ساهمت في ارتفاع الدولار .. معلوم أن هناك اختلالاً ما بين العرض والطلب جراء ارتفاع الطلب مقابل شح موارد النقد الأجنبي. .ومعلوم أيضا أن جائحة كورونا أدت إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة بمثل ما حدث في كل دول العالم ..لكن لو أن الحكومة منذ إعلانها اتجهت نحو الإنتاج، واهتمت بمحاصيل الصادر وحلت مشكلات المصدرين باتخاذ سياسات مشجعة ،كان من الممكن أن يكون الوضع مختلفاً عما هو عليه الآن.
ما من شك أن الحكومة ورثت وضعا اقتصاديا مزريا، لكنها لم تجتهد كثيرا في الإصلاح. .ظلت حكومة حمدوك تلعن ظلام النظام البائد دون أن تقدم رؤية اقتصادية .
حتى المتاح من الموارد لم تديره الحكومة بما يسهم في حل المشكلة، وأنا اقصد موارد الذهب المقدر إنتاجه السنوي بنحو 12 مليار دولار .حيث تذهب إلى خارج خزينة الدولة إلى جيوب أفراد.
منذ الأمس توقفت حركة البيع والشراء بشكل شبه كامل .معظم التجار احجموا عن البيع لصعوبة تسعير السلع مع تغيير سعر الدولار على مدار الساعة ..السلع المعروضة حصلت أرقاما فلكية مما أدى إلى شلل الحركة التجارية .الجميع في حالة ترقب .والحكومة تتفرج على هذه الكوميديا السوداء. وبنك السودان المركزي خارج الشبكة.
لا أعرف أن كانت آلية الطوارئ الاقتصادية مستمرة في عملها أم صرعها الدولار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى