تحليل سياسي – محمد لطيف _ مخرجات جوبا .. نصوص خارج النص ! (3)

المتابع للحراك المناهض للحكومة الإنتقالية .. يلاحظ تركيز شديدا على تحريض المكون العسكرى على المكون المدنى .. بل فى الواقع على الثورة كلها .. لا حكومتها .. فهؤلاء يطلقون الجزء ويريدون الكل .. فالمعركة ليست مع حمدوك ولا مع مجلس الوزراء .. بل هى معركة فى مواجهة التغيير .. فى محاولة لتعطيل عجلة التاريخ .. إن لم يكن إعادته الى الوراء ..
فى ضوء ذلك .. ومع سير المفاوضات فى جوبا .. كانت تلك مناسبة لترديد الأسطوانة المشروخة .. أن الخطة (ب) هى إضعاف القوات المسلحة وتفكيكها .. تمهيدا للإنقضاض على السودان كله .. علما بأن أحدا لم يحدثنا عن الخطة (أ) ولماذا لم تنفذ .. بدلا من الخطة (ب) .. ثم روايات تروى عن التآمر بين الحركات المسلحة و .. الشيوعيين .. للإنقضاض على السودان عبر المفاوضات .. مع ملاحظة أن الشيوعيين لم يكونوا سعيدين بما حدث فى جوبا .. بدليل أنهم توجهوا شرقا فى نهاية المطاف .. !
إذن .. لندلف مباشرة الى النصوص .. لنرى على ماذا وقعت حركات الكفاح المسلح .. فيما يتعلق بتفكيك القوات المسلحة كما يزعم المروجون بالفتنة ..فى فصل مستقل إسمه ..اصلاح و تطوير وتحديث المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية الأخرى .. وقع المفاوضون فى جوبا على البند التالى نصه ..(يقوم مجلس الأمن والدفاع بوضع و إجازة الخطة العامة المتعلقة بالإصلاح والتطوير والتحديث للمؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية ومتابعة تنفيذها ) .. ولن تجد فى كل بنود الإتفاقيات الموقعة فى جوبا بندا يتحدث عن تكوين مجلس للأمن والدفاع .. غير ذلك المجلس الذى نشأ بموجب الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الإنتقالية بتوافق المكونين المدنى والعسكرى .. وقد نصت الوثيقة الدستورية فى أمر مجلس الأمن والدفاع على ما يلى .. ( يتكون مجلس الأمن والدفاع من مجلس السيادة و رئيس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الداخلية ووزير الخارجية ووزير العدل ووزير المالية والقائد العام للقوات المسلحة والنائب العام وأخيرا مدير المخابرات العامة ) ..!
أي أن مخرجات جوبا قد إعتمدت ما جاء فى الوثيقة الدستورية .. نصا وروحا .. فى شأن مراجعة أوضاع القوات النظامية ..!
ولكن .. وعلى ذكر الإلتزام بالوثيقة الدستورية .. فيبدو أن المفاوضين فى جوبا .. ولسبب ما قرروا تجاوز الوثيقة الدستورية .. فى شأن سيعتبره البعض جوهريا وخرقا خطيرا .. فيما سيرى فيه البعض الآخر معالجة حكيمة وتجاوزا لأزمة مكتومة .. ظل يشكو منها حتى بعض كبار المسئولين .. والحديث هنا عن جهازالمخابرات العامة .. ففى شأن هذا الجهاز فقد نصت الوثيقة الدستورية على ما يلى ولم تزد .. ( جهاز المخابرات العامة جهاز نظامى يختص بالأمن الوطنى و تقتصر مهامه على جمع المعلومات وتحليلها وتقديمها للجهات المختصة و يحدد القانون واجباته ومهامه ويخضع للسلطتين السيادية والتنفيذية وفق القانون ) .. فماذا قالت مخرجات جوبا فى شأن مهام هذا الجهاز المثير للجدل .. قالت فيه نصا .. ( حفظ امن السودان القومي وحماية دستوره ونسيجه الإجتماعى وسلامة مواطنيه من اي خطر بالتنسيق مع الأجهزة النظامية الأخرى ) .. ثم أضافت المخرجات بندا آخر يقول ..( البحث والتحري اللازمين للكشف عن اي اوضاع او وقائع او مناشط او عناصر يكون من شأنها المساس بأمن السودان القومى و سلامته وفقا لأحكام القانون ) ..!
غنى عن القول أن هذه الترتيبات قد جاءت بإختصاصات لجهاز المخابرات .. كانت قد نزعت عنه فى الوثيقة الدستورية .. فهل ينجح الموقعون فى تسويق هذه التعديل .. وإقناع من سيثورون ضده .. أم ينجح الرافضون فى إعادة فتح التفاوض .. ؟ هذا سؤال الأيام القادمات ..!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى