بُعْدٌ .. و .. مسَافَة – مصطفى أبوالعزائم – سيرة ذاتية و.. تاريخ إجتماعي

مئات التعليقات والتعقيبات على مقالنا الأخير الذي تم نشره بعنوان (ودنوباوي .. الشهد والدموع) وذلك بالتواصل المباشر في الوسائط المتعددة ، أو من خلال التطبيقات المختلفة على شبكة الإنترنت أو الموقع الإلكتروني للصحيفة ، وكلها أو أكثرها يطالبنا أصحابها بالكتابة أكثر عن بعض الشخصيات التي إنتقلت مؤخراً إلى الدار الآخرة ، ويتشدد في ذلك أبناء مدينة أم درمان ، التي أشرنا إلى أن الباحث الأمريكي روبرت إس كرامر ، أطلق عليها إسم المدينة المقدسة عندما أصدر كتابه الأشهر ( مدينة مقدسة على النيل … أم درمان في سنوات المهدية ) والذي قام لترجمته من الإنجليزية إلى العربية الأستاذ الكبير بدر الدين حامد الهاشمي .
ومن أقدار الله أن الذين رحلوا عن دنيانا مؤخراً وكتبنا عنهم ، كانوا من أبناء حي ودنوباوي العريق ، وهم الأساتذة عبدالرحيم عوض قيلي ، شيخ المصورين الصحفيين المحترفين ، والهادي نصرالدين فضل الجليل القرشي ، وسعادة اللواء أبوقرون عبدالله أبوقرون ، الضابط العظيم والشاعر والملحن الكبير ، ورحل قبلهم بنحو أسبوعين أستاذنا الصحفي الكبير المرموق كمال حسن بخيت ، وهو أخ كريم وصديق عزيز علاقتي به تتجاوز العلاقة الشخصية إلى العلاقة الأسرية القوية، رحمهم الله جميعاً .
من أهم المداخلات مداخلة من أخ صديق أشار إلى أحزان حي ودنوباوي وكتب إلي عن تفرّد هذا الحي وعلاقة الذين استوطنوه من غير مؤسسيه ومن بينهم عمنا الفاضل العقيد حسن بخيت والد الأستاذ كمال وإخوانه ومن بينهم الأستاذ حاتم الذي عمل بإدارة الإعلام والسياسة في مجلس الوزراء منذ عهد حكم الرئيس الراحل جعفر محمد نميري ، رحمه الله وهو نفسه من أبناء هذا الحي ، وترقى حاتم في مسيرته إلى أن أصبح مديراً لمكتب الرئيس السابق عمر حسن البشير ، بدرجة وزير دولة ثم أميناً عاماً لمجلس الصداقة الشعبية ، وكان من نجوم كرة القدم الذين يشار إليهم بالبنان ، ولعب لفريق ودنوباوي الذي كان يلقب وقتها بملك ( الدرونات) أو التعادلات مع قمة الكرة السودانية ( هلال/ مريخ) وأذكر أنني أجريت مع الأستاذ كمال لقاءً إذاعياً مطولاً قبل عامين تقريباً لصالح إذاعة بلادي ، تحدث فيه كما لم يتحدث من قبل عن علاقته بحزب البعث العربي الاشتراكي وعن علاقته بنظام الرئيس الراحل صدام حسين ، وعمله في بغداد وتجربته في الصحافة السودانية ، ونحن لم نعمل معاً في الصحف السودانية إذ أن بداية التحاقي بالعمل الصحفي كان كمال قد غادر وهاجر ، وكان معنا يحضر ذلك اللقاء الأخ الكريم المهندس عبدالرحمن ابراهيم عبدالله المدير السابق لإذاعة بلادي ، وعندما ضيّقت بالأسئلة على الأستاذ كمال ، انفعل على غير عادته وقال لي 🙁 إنت زول مايوي ) فضحكنا وقلت له : ( والله مصيبتي مصيبة أنت تقول لي مايوي والمايويين يقولون أنني شيوعي وبعض الأحزاب الأخرى تقول بأنني بعثي وآخرون يقولون حركة إسلامية ) ضحك كمال وقال لي : (أهو ده النجاح) .
ووصلتني رسالة أثيرة وعزيزة من الأستاذ الصحفي الكبير أسامة سيد عبدالعزيز يعزيني ونفسه وكل زملاء المهنة في وفاة زميلنا الكبير الراحل عبدالرحيم قيلي ، رأيت أن أنشرها كما هي وقد جاءت كما يلي :

قيلى مدرسة صحفية

كالعهد به وفاءً… وحباً نقل لنا الأستاذ مصطفى ابو العزائم نبأ مرض المصور الصحفى المخضرم عبدالرحيم قيلى الرجل التقى النقى..
لحظتها إزدحمت الذاكرة بصور حبيبة حميمة للأستاذ التقى النقى قيلى ،
فالبداية كانت يوم أن إقترح
الأستاذ عزالدين عثمان مدير الإدارة الفنية بمؤسسة الايام للطباعة والنشر ، وهو رسام الكاريكاتير السوداني الأشهر ، خلال إجتماع إدارة تحرير صحيفة الأيام ، أن تكون الصورة أكثر حيويةً إن لم تكن أبلغ من الكلمة ،
حيث إتفق الجميع على البحث وإقناع المصور الصحفى عبدالرحيم قيلى للإنضمام إلى صحيفة الايام
لكونه واحد من طليعة المصورين الذين تعجز الكلمات المكتوبة عن شرح صوره
ومن فخرنا أن يقول بذلك فى عام ٢٠٠٥ المركز الدولى للتصوير الفوتوغرافي فى مدينة نيويورك .
وحينما قدم الأستاذ قيلى تصوره لتطوير قسم التصوير تطابق رأيه مع رأى الأستاذ عزالدين
( أن الصورة الصحفية ليست فقط
صور الاخبار واللقاءات الهامة )
إنما إقترح تعميق نقد المجتمع
ورصد حركته . فكان مولد باب
(حديث الكاميرا) الذي
تتحدث فيه الصورة بشمولية وموضوعية لأن العدسة أدق من العين البشرية ، أو قل إنها تلتقط ما تراه وبأدق التفاصيل .
تميزت صور قيلى بحيويتها..فقد كان يصور اللقاءات والتحقيقات دون أن يحس المحرر بذلك. وقال هذا هو أسلوبه حتى لا تخرج الصور وكأنها صور مناسبة.
وعلى الرغم من ذلك كان مهتماً بالجانب الجمالى للصورة .
بسط الأستاذ قيلى قيم رفيعة فى قسم التصوير الذى ترأسه فى جريدة الايام .
كان يوصى مرؤسيه بمعاملة من تصيبهم مصيبة بلطف وليس بتطفل ..ويشترط عليهم أخذ الاذن بتصوير الأضرار التى لحقت بهم
وكان يحذرهم من فبركة الاحداث وقد تميز بحب جارف لمهنته التي
وهبها أكثر مما تطلب وظيفته وظل مرتبطاً بكافة الأقسام مرابطاً فى قسمه لتلبية نداء أى قسم ليسرع مستجيباً ..ويعود مبتسماً
ليخرج لنا صور معبرة .

أسامة سيد عبدالعزيز
فريزنو ..كاليفورنيا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى