كلام سياسة الصافي سالم
في كل عام، يعود استقلال السودان لا كتاريخٍ محفوظ في الذاكرة فحسب، بل كعهدٍ يتجدد مع الوطن. يوم خرج الأجداد من عباءة الاستعمار، لم يورثونا علماً ونشيداً فقط، بل تركوا لنا وصية واضحة: أن السودان لا يُدار إلا بإرادة أهله، ولا يُصان إلا بوحدة شعبه وكرامته.اليوم، ونحن نستحضر معاني الاستقلال، نجد أنفسنا في لحظة تاريخية لا تقل خطورة ولا أهمية عن تلك اللحظة الأولى. فالسودان يخوض معركة الكرامة، لا دفاعاً عن أرضٍ وحدود فحسب، بل عن معنى الدولة، وعن حق الشعب في الأمن والسلام والحياة الكريمة. إنها معركة لإعادة الاعتبار لفكرة الوطن التي حاولت المليشيا العبث بها.معركة الكرامة ليست نقيضاً للسلام، بل طريقه الحقيقي. فالسلام الذي لا يُبنى على حفظ السيادة وهيبة الدولة، سلامٌ هش، سرعان ما تطيحه البنادق. ومن هنا، يصبح النضال من أجل الاستقرار وحماية مؤسسات الدولة خطوةً أساسية نحو سلامٍ دائم، يعيد الطمأنينة للبيوت، ويجمع الشتات، ويطوي صفحة الحرب إلى غير رجعة.وفي قلب هذا الأمل، تلوح الخرطوم… العاصمة التي لم تغب عن الوجدان يوماً، وإن غابت عنها المؤسسات مؤقتاً. العودة إلى الخرطوم ليست قراراً إدارياً، بل عودة الروح إلى الجسد، وعودة الدولة إلى قلبها النابض. هي رسالة بأن السودان، مهما تعثّر، قادر على النهوض من تحت الركام.تحت شعار «جيناكم راجعين شايلين الحلم الجميل»، يمضي السودانيون نحو غدٍ يتكئ على تاريخ الاستقلال، ويصنع مستقبلاً جديداً عنوانه السلام والعدالة والإعمار. غدٌ نعود فيه إلى الخرطوم آمنين، مرفوعي الرأس، نحمل حلماً لم ينكسر رغم قسوة الطريق.
غداً نعود… حتماً نعود، لأن هذا وطنٌ تعلّم أبناؤه أن الاستقلال لا يُحتفل به مرةً واحدة، بل يُنتزع ويُحمى ويُجدد في كل مرحلة، حتى يستقر السلام، ويعود السودان كما نريده: واحداً، حراً، كريماً.
