قبل يومين ومن خلال هذه الزاوية كتبنا عن موضوع العروة الشتوية وزراعة القمح بمشروع الجزيرة…وكان تعليقنا علي تصريحات مدير عام مشروع الجزيرة المهندس إبراهيم مصطفي والتي قال أنه تمت زراعة 110 ألف فدان من جملة 300 ألف فدان كان تعليقنا أنها نسبة ضعيفة بالنظر للمساحة المخططة وحاجة البلاد للقمح في هذه الظروف الإستثنائية التي تمر بها البلاد ومواطن الجزيرة ومزارعيها علي وجه الخصوص وكتبنا عن ضعف تطهير قنوات الري الشيئ الذي يؤثر في عمليات الري ووصول المياه للمساحات المشار إليها…وفندنا تصريح مدير المشروع بأنه لن يستطع إكمال زراعة كل المساحة المخططة وتطهير 700 ترعة قبل نهاية ديسمبر كما وعد في تصريحه…
تابعت خلال الأيام الماضية وبإتصالات مباشرة مع بعض مزارعي المشروع ممن أثق في حديثهم وهم داخل حواشاتهم يباشرون أعمال الزراعة فكانت النتائج صادمة وتدل علي ضعف الإهتمام بالزراعة التي تعتبر صمام أمان للأمن الغذائي المطلوب وبخاصة محصول القمح كمحصول أول ثم بقية محاصيل العروة الشتوية من فول وعدسية وكبكبي لما لها من حاجة وأهمية للمزارع بوصفها محاصيل نقدية يحتاج لعائدها المزارع الذي نهب المتمردون كل ما يملك من محاصيل العام المنصرم…
إتضح من خلال المتابعة أن مساحات واسعة من ال 110 ألف فدان والتي هي نفسها تعتبر قليلة لم تصلها مياه الري بسبب كثافة الحشائش في قنوات الري بدءاً من الترع الرئيسة ثم الفرعية إلي أبي عشرينات وأبي ستات…حتي تصل السراب…
للأسف واضح أن البطء في عمليات التطهير قد أثر بالفعل علي تغطية المساحات التي تمت زراعتها بالمياه التي تحتاجها دع عنك التوسع في المساحات حسب الخطة الموضوعة…تلك من المشاكل المقدور علي حلها ولكنه نقص القادرين علي التمام الذي ظل الصفة الدائمة لمعظم مؤسساتنا إن لم تكن جميعها..نقول ذلك وفي ذهني سجال طويل تم خلال الفترة السابقة بين وزير الزراعة والري صديقنا دكتور عصمت قرشي وإدارة مشروع الجزيرة بشأن إنشاء إدارة منفصلة للري بالمشروع فهل لذلك تأثير علي زراعة القمح خلال هذه العروة الشتوية في مشروع الجزيرة؟ للدرجة التي تجعل العطش يسيطر علي جزء كبير من المساحات المزروعة؟
وثاني الأسئلة هي هل هناك شح في إيراد المياه للمشروع أم أن المشكلة في قنوات الري التي لم تتمكن إدارة المشروع من تطهيرها…
أما المشكلة الثانية التي جابهت مزارعي الجزيرة في هذه العروة الشتوية هي إرتفاع أسعار اليوريا لخمس أضعاف السعر المتوقع الأمر الذي لا يحتمله المزارع ومعلوم لكل الزراعيين أثر ضعف إستخدام السماد علي الإنتاج…ربما يتجه مزارعو الجزيرة ولهذه الأسباب لزراعة محاصيل نقدية أخري مثل الكبكبي والعدسية والفول السوداني بدلاً عن القمح وهو خصماُ علي الإقتصاد القومي ولكن عائده المادي للمزارع أكبر…
إن كان من رسالة فهي لوزير الزراعة والري ولمدير مشروع الجزيرة باللحاق بما تبقي من وقت لإنقاذ العروة الشتوية وتوفير مبيد اليوريا بأسعار معقولة أو بتمويل مؤجل من البنك المركزي عبر البنوك التجارية العاملة في مجال الزراعة….
قبل المغيب – عبدالملك النعيم احمد – مشروع الجزيرة بين أزمة الري وغلاء أسعار السماد

