خاطب رئيس مجلس الوزراء بالأمس مجلس الأمن الدولي طارحاً في خطابه رؤية جديدة لإحلال السلام في السودان تبدأ بوقف إطلاق النار وخروج المليشيا من كل المناطق التي تحتلها الآن ثم تجميعهم في معسكرات خارج المدن وبعد ذلك يتم النظر في أمرهم…
أول ما يتبادر إلي الذهن في هذه المبادرة هو أنها جاءت نتاج عمل سعودي/ مصري/ أمريكي/ خاصة بعد زيارة رئيس مجلس السيادة مؤخراً لكل من الرياض والقاهرة وقريباً إلي قطر وتركيا…ثم أن بنوداً مثل تلك التي وردت في المبادرة لايمكن تحقيقها علي أرض الواقع إلا بضغوط من جهات أعلي لها يد طولي علي دولة الإمارات الممول الحقيقي لهذه الحرب..نقول ذلك لأن مجلس الأمن الذي خاطبه رئيس الوزراء ليس معني بتنفيذ تلك المبادرة إن لم يكن أصلاً قادراً علي إنزالها إلي أرض الواقع والدليل علي علي ذلك قراراته عندما كانت الفاشر محاصرة لما يقارب العامين والتي حملت تهديدات لمليشيا الدعم السريع المتمردة إن لم تفك حصار الفاشر وتسمح بدخول الغذاء والدواء لمواطنيها المحاصرين…كل قراراته ذهبت أدراج الرياح ومع ذلك لم يوقع مجلس الأمن أي عقوبات علي التمرد فماهي إذن جدوي مخاطبة رئيس الوزراء لهذا المجلس وفي هذا التوقيت الذي ذهب فيه معظم المؤثرين من عضوية المجلس في إجازات الكريسماس…يضاف لذلك أن مندوب السودان لدي الأمم المتحدة السفير الحارث إدريس هو الشخص المفوض بمخاطبة الامم المتحدة وقد قدم خطابات عديدة علي درجة عالية من الموضوعية والدقة منذ بداية هذه الحرب أقنعت الجميع بأن ما حدث في السودان هي جرائم حرب وإبادة جماعية وإنتهاك لحقوق الإنسان…ومع ذلك يكتفي مجلس الأمن بإصدار البيانات الخجولة ويظهر التراخي المتعمد تجاه ما يحدث في السودان…
من الملاحظ في جلسة الأمس أن مندوب الإمارات قد مُنِحْ الفرصة بعد خطاب رئيس مجلس الوزراء وقد فند حسب زعمه كل الإتهامات ضد بلاده…وللأسف لم يكن ممكناً برتوكولياً لمندوب السودان أن يرد بحضور رئيس الوزراء الشيئ الذي جعل الجلسة تنتهي بحديث مندوب الإمارات وكأن ما قاله هو الحقيقة…
بالمتابعة لزيارة رئيس مجلس الوزراء لنيو يورك وما حدث فيها من ملابسات وضعف بائن للبرتوكول والمراسم عادت بي الذاكرة لزيارة رئيس مجلس الوزراء نفسه إلي الرياض والتي كان أبرز مافيها غياب البرتوكول والترتيب المسبق للزيارة وبالتالي ضعف مردودها ولم تحقق أي من الأهداف التي كانت مرجوة أو متوقعة ..
ان كان من سؤال بخصوص هذه المبادرة هو هل توجد فعلاً آليات لتنفيذها؟ وهل تتناسب هذه المبادرة مع ما هو مطروح بالداخل مما يريده الشعب السوداني الذي خرج في مسيرات تأييد للجيش لسحق التمرد وتطهير البلاد منهم؟ وهل فعلاً هذه الدول الراعية للمبادرة لها المقدرة علي إقناع المتمردين بالخروج من كل دارفور وجزء من كردفان؟ وماذا بشأن التدمير الذي لحق بمؤسسات الدولة؟ وبالأذي المادي والنفسي الذي أصاب كل مواطن سوداني؟
قبل المغيب – عبدالملك النعيم احمد – زيارة رئيس الوزراء..تجريب المجرب

