
سوف نتناول هنا بإذن الله ومن خلال سلسلة المقالات هذه، كيف صممت المبادرات الخارجية المتعلقة بالنزاعات في السودان منذ العام 1955م والى تاريخ حرب 15 ابريل 2023م لاستمرار الحروب
ذلكم لأن مساعي الحلول المدعاة كلها تهدف في نهاية المطاف إلى زيادة مسببات النزاع كما سنرى من خلال تحليل مبادرة الايقاد والتي نتج عنها انفصال جنوب السودان(يوليو 2011م) واتفاقية ابوجا حول دار فور (مايو 2006م) ولجنة تامبو امبيكي حول النزاع في السودان، وبين السودان وجنوب السودان والتي استمرت لعشر سنوات(2009_2019م )ثم قدمت مقترحا للحل من ثلاث نقاط كان يمكن ان يضعها شيخ اي قرية نائية في اصقاع السودان، وقد استمرت تلك اللجنة حتى تم حلها بسقوط الانقاذ وتحول المعارضين الى حاكمين والحاكمين الى معارضين من اجل استمرار ذات اللعبة المدروسة بتغيير في قواعد الواقع، ولربما كانت الفائدة الاهم انها قد وفرت وظائفا دولية مرموقة لثابو مبيكي الرئيس الجنوب افريقي الاسبق وعبد السلام ابو بكر الرئيس النيجيري الاسبق وبقية اعضاء اللجنة، ثم نعرض الى منبر جدة الذي اكمل العامين والنصف ( مايو 2023م ) ثم لجنة الاتحاد الافريقي حول وقف الحرب برئاسة محمد بن شمباس وعمرها الآن قارب العامين( يناير 2024م ) ومبعوث الامم المتحدة رمضان العمامرة الذي مضى على تعيينه الآن اكثر من عامين( نوفمبر2023م ).
واذا تناولنا دور المنظمات الاقليمة التي يتمتع السودان بعضويتها ومنها جامعة الدول العربية فغاية ما تفعله هو اصدار بيانات شجب او ادانة كلما عقدت القمة العربية، وللأمانة فإن بياناتها احيانا تكون شديدة اللهجة لتعبر عن اسفها العميق حيال ما يجري في السودان، وربما حكاية البيانات هذه حتى لا تتشابه الجامعة مع الامم المتحدة التي يعبر امينها العام عن قلقه من تصاعد النزاعات ثلاث أو أربع مرات في اليوم، أما الايقاد فان عضويتها أو تجميد العضوية او الخروج منها فالاختلاف فقط في الجمل والمفردات.
ولندرس هذا الواقع المأزوم والاماني المستحيلة علينا ان نبدأ بمناقشة الأدب الافريقي الذي شخص نوايا الاستعمار وافعاله الماثلة ماضياً وحاضراً ومستقبلاً ، ولأننا من هذه القارة التي يريدونها مصدراً دائماً للمواد الخام التي سوف تستغل لصالح شعوبها اذا استقرت الدول وبالتالي حرمان الشعوب الاوروبية من هذه الخيرات، يمكننا ان نتوقف قليلاً مع شينوا أتشيبي، الروائي النيجيري الأبرز، الذي هاجم السياسة الاستعمارية الأوروبية عبر أعماله الأدبية، خاصة في روايته الشهيرة ، الاشياء تتداعى ” (Things Fall Apart)، حيث كشف تدمير المجتمعات الأفريقية التقليدية واضطرابها بسبب الغزو الاستعماري، الذي قال انه يبدا اولاً بدراسة اجتماعية للقبائل الافريقية ثم تأتي الكنائس لتقوم بالتبشير والتنصير ومن بعدها تأتى الشركات لنهب الخيرات، وفي نهاية الامر يطلب التجار الاوربيون الحماية فتأتي الجيوش لتجد الارض مهداً .وقد سلّط أتشيبي الضوء على العنصرية والتفوق الغربي، مقدمًا صوتًا أفريقيًا أصيلًا يروي قصته من منظور أفريقي، متحديًا الصور النمطية الغربية وموضحًا الفساد الذي خلفته النخب الأفريقية بعد الاستعمار والتي اضحت ذات رباط وثيق بالغرب تخدم اجندته على حساب بني جلدتها وتسعى لطمس الهوية وناقلها الاساس اللغات الافريقية لتحل محلها لغات المستعمر الانجليزية والفرنسية والالمانية وغيرها وهذا ما تحدث عنه أتشيبي فيما بعد قائلًا إنهم قد أُمروا أن يهجروا لغاتهم الأم على أن يتواصلوا بلغة المستعمر وكان ذلك يطبق بكل حزم وقوة وأشار أتشيبي أن أول عقوبة وقعّت عليه كانت بسبب خرقه لهذا القانون حيث طلب من أحد زملائه يومًا ما أن يمرر له الصابون بلغة الإيبو.يتبع



