أخر الأخبار

مابين ام كلثوم و فلانة الغناية

 

بقلم : محمد سعد كامل
رئيس تحرير صحيفة براون لاند

فى مايو 1967 اطلقت الإذاعة المصرية شعار “أم كلثوم معكم في المعركة”. ..وكان الشعار حديث اضافي عن استعداد الجميع، مؤلفين وملحنين ومطربين للمعركة، بجانب الاستعداد العسكري والسياسى…

وفى حفلها الشهري الأول من يونيو 1967. ..ألغت الاذاعة كل البرامج ..وقبل الحفل وقف جلال معوض الإعلامى الشهير وأفضل من قدم الست فى الحفلات يتحدث عن جيوشنا العربية علي الحدود وكيف هي على أعتاب النصر، وشدت الست بكلمات أغنية ” الله معك ” تحية للجيوش العربية…

أما ما جرى بعد ذلك بأسبوع واحد كان مفزعا حقا .. هزيمة لم يتوقعها أحد .
بعد النكسة قضت أم كلثوم أياما مكتئبة في بدروم فيلتها بالزمالك – بحسب تصريحات صحفية قالتها فيما بعد – ثم رأت أم كلثوم أنه لابد من تحويل الهزيمة إلي انتصار والثأر من النكسة، فدشنت بعد أيام قليلة حملتها غير المسبوقة لدعم المجهود الحربي.

بدأتها بعد أسبوعين فقط من النكسة وتحديدا يوم 20 يونيو 1967 حين حولت شيكا بمبلغ 20 ألف جنيه استرليني إلى خزانة الدولة المصرية، وكانت قد تلقته من إذاعة الكويت مقابل إذاعة بعض تسجيلاتها الغنائية.

“الست” بعدها بادرت بتكوين هيئة اسمتها “هيئة التجمع الوطني للمرأة المصرية ” خصصتها فى الاساس لإسعاف الجنود والمصابين. .. وتشكلت الهيئة من لجنتين واحدة لجمع التبرعات والمرور على المستشفيات ..والثانية للاتصال وشرح القضية الوطنية..

اجتماعات مكثفة في منزلها ولقاءات مع كل المستويات ..وبدأت التبرعات من الذهب وغيره من سيدات المجتمع وزوجات الوزراء والدبلوماسيين. ..وبدأت إقامة حفلات جمعت فيها ملايين تبرعت بها للمجهود الحربى واعادة تسليح الجيش المصرى .

“أم كلثوم ” قررت أن يكون لها دورها فيما يحدث بالمساهمة في إعادة بناء الجيش المصري بالمعدات الحربية اللازمة، مقدمةً مردود حفلاتها وجولاتها الخارجية والداخلية لصالح وزارة الدفاع، مشترطة في الحفلات الخارجية أن يكون الأجر بالدولار والجنيه الإسترليني لأنها العملات المستعملة في التبادل التجاري والتسليح.

والسودان الان يشهد حرب وجودية لاتقتصر فقط علي طرفي الصراع كما يسميها الأرزقية بل تمتد آثار هذه الحرب الي كل تفاصيل السودان بتاريخه و حاضره و مستقبله و الشاهد أن النشاط الثقافي أختزل في بعض المحاولات الفردية و بعض النشاط المشروط بدعومات حكومية مستترة او مكشوفة و لكن هل ماقدم فنيا و ثقافيا يعادل حجم الحرب و مألاتها !
لطالما شكّلت الفنون، بمختلف أشكالها، أحد أبرز أدوات التأثير في الوجدان الجمعي للشعوب، ووسيلة فاعلة في دعم الجيوش الوطنية خلال فترات السلم والحرب على حد سواء. فإلى جانب السلاح والتخطيط العسكري، تلعب القوة الناعمة دورًا محوريًا في رفع الروح المعنوية، وتثبيت القيم الوطنية، وتعزيز الثقة بين الجيوش وشعوبها.
في أوقات النزاعات، تصبح المعركة نفسية بقدر ما هي ميدانية. وهنا تبرز الأغنية الوطنية، والقصيدة، والمسرح، والسينما، كوسائل قادرة على بث الأمل والصمود في نفوس الجنود والمدنيين. الأغاني الحماسية على سبيل المثال، لطالما رافقت الجيوش في ميادين القتال، وأسهمت في تعزيز الانتماء والشعور بالواجب، وتحويل الخوف إلى طاقة مقاومة.
في المجتمعات التي تعاني من الانقسامات، يسهم الفن في خلق مساحة مشتركة تتجاوز الخلافات السياسية أو الاجتماعية. فعندما تلتف الجماهير حول عمل فني يعبر عن الوطن والجيش، يتراجع خطاب الكراهية، وتتعزز قيم التضامن والمصير المشترك، وهو ما تحتاجه الجيوش الوطنية خصوصًا في الحروب الطويلة أو المعقدة.
وفي السودان صراع قائم يختزله بعض النقاد في أن الفنان يحتاج لممارسة عمله المعتاد حتي في أوقات الحرب لانه مصدر رزقه الوحيد فيما يري البعض الاخر ان الفنون يجب أن توجه بكاملها لدعم الجيش و الحرب .
في رأيي الخاص كمراقب يجب أن يحدث توازن ما بين الخاص والعام في أزمنة الحرب فالفنان ايضا لديه إحتياجات شخصية و لديه أسرة و أطفال يجب أن يوفر لهم متطلباتهم الحياتية اليومية و هذا لايحدث الاعبر ممارسة عمله المعتاد ، و لكن تقديرا لظرف الحرب يجب علي الفنانين الموازنة في تقديم محتوي يشبه طبيعة الحرب و يبتعد عن الابتزال بقدر الامكان و توظيف الآلة الفنية في مقتضيات المرحلة بشكل معقول ، أما الإندياح في الابتزال او عبر ترديد محتوي بعيد عن المرحلة الزمنية فهو أمر مرفوض تماما وقد يخصم من تاريخ الفنان او الفنانة و يؤثر علي المجابهة القومية للقضايا التي تشغل الرأي العام .
والسؤال هل يمكن ان توجد فنانة سودانية يمكن أن تشابه أم كلثوم في وقفتها الصلبة مع شعبها آنذاك ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة عشر − ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى