حرب بلا مدافع : رؤوس اقلام في الشهادة على اغتيال القطن السوداني

د. باسم عباس الطيب
*باحث وخبير زراعي

ما أكتبه هنا ليس مجرد شكوى، بل شهادة حية على تاريخٍ أُريق فيه عرق المزارع السوداني، وضاع فيه حق الوطن بين أيدي قِلّة من المتنفذين. إنه سردٌ لحربٍ اقتصادية صامتة، تُدار بلا مدافع، لكنها تُسقط أعمدة الاقتصاد الوطني الواحد تلو الآخر في سلسلة طويلة من الاهمال واهدار الموارد .

انهيار قيمة القطن السوداني

– *قبل الحرب*: كان قنطار القطن يُباع بـ *90,000 جنيه سوداني* ، والدولار بـ *560 جنيه* ، أي ما يعادل *160 دولارًا للقنطار*.
– *اليوم*: القنطار بـ *230,000 جنيه* ، والدولار قفز إلى *3,700 جنيه* ، أي ما يعادل *62 دولارًا فقط*،، !!!
– *الخسارة*: المزارع السوداني فقد أكثر من *100 دولار* في القنطار الواحد، رغم أنه يزرع وسط النار والدمار، بلا تمويل، بلا حماية، وبلا عدالة ثم يسرق جهده ليبيع باقل من ثلث السعر …. !!!

*تفكيك ممنهج للبنية التحتية*

– تم إغلاق واهمال المحالج الحكومية التي كانت ملكًا للشعب والمزارعين.
– أُغلقت أو تُركت للخراب، ليحل محلها عدد محدود من المحالج الخاصة، مملوكة لجهات وشركات اجنبة من البلدان القريبة والبعيدة وبعض السودانيين
– اصبح المزارع *رهينة* ، لا خيار له سوى البيع بسعر الذل.
*غياب التسويق الوطني*

– تغييب الية التسعير و تواري *شركة الأقطان السودانية* ، التي كانت تملك مكاتب في أوروبا وآسيا،وانفتح الباب للسمسرة والوسطاء والتهريب.
– ضاعت *سمعة القطن السوداني* في الأسواق العالمية، وتراجعت مكانته كـ “ذهب أبيض”.
*مقارنة مؤلمة مع مصر*
الدولةسعر القنطار المحليما يعادله بالجنيه السودانيالفرقالسودان230,000 جنيه62 دولار—مصر10,000–12,000 جنيه مصري840,000 جنيه سوداني+600,000 جنيه- المشترون الرئيسيون للقطن السوداني؟ *مصر وتركيا* ، يشترونه بثمن بخس ويعيدون تصديره بأسعار مضاعفة.
*غياب آلية التسعير العادل*
– سابقًا كانت وزارة الزراعة تحسب السعر العالمي، وتضيف عليه التكاليف المحلية، ثم تتفق مع اتحاد المزارعين ويُرفع السعر لوزارة المالية.
– اليوم، بعد تفكك الاتحادات وخروج الدولة من التمويل، أصبح السوق *نهبًا للمضاربات والمصالح*.
*التهريب والسيولة الأمنية*

– القطن أصبح سلعة *عابرة للحدود* ، تُهرّب عبر طرق غير رسمية ولا يستفيد المزارع ولا الدولة من عائد تصديرها او قل تهريبها …. !!!.
– ضعف الرقابة، وانعدام الشفافية، فتح الباب لـ *التهريب المنظم* ، مما يُحفي الإحصاءات ويضرب الاقتصاد القومي في مفتل.
*هي اذن ..:-*
تطبيق عملي لنظرية *الحرب الاقتصادية*:
– تقويض للمقومات الإنتاجية واابني التحتية من الداخل.
– تفكيك المؤسسات الحامية للمنتج الوطني.
– فتح السوق للآخرين ليشتروا خيراتنا بثمن بخس.
*والنتيجة*:
– انهيار دخل المزارعين وافقارهم .
– عزوف عن الزراعة.
– فقدان الثقة في الدولة ورعايتها .
– تراجع الصادرات الحقيقية.وفقدان اسواقنا التاريخية.
*نداء إلى ولاة الأمر ؛-*
* المزارع لا يطلب دعمًا، بل يطلب *حماية وعدالة*.
* اعيدوا الامور الي نصابها و أوقفوا العبث .
– أعيدوا تفعيل آلية التسعير العادل.
– راجعوا دور شركة الأقطان و ادعموها.
– أوقفوا التهريب وراقبوا المشترين الأجانب.
– احموا ما تبقى من مشاريع في *الجزيرة، الرهد، حلفا، السوكي*.

*شهادة اخيرة :-*
القطن السوداني ليس مجرد محصول انه… *ذاكرة وطن، وعرق أجيال، وهوية أرض ، وحين تنهارالزراعة ينهار كل شئ بعدها*.

*إلا هل بلغت ، اللهم فاشهد*

Exit mobile version