النص الكامل لكلمة د.جبريل إبراهيم

الحاكم نيوز :

كلمة الدكتور جبريل إبراهيم للشعب السوداني بخصوص مجازر الفاشر

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على قائدنا الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

أيها الشعب السوداني الصابر يقول عز من قائل: “إن يمسّسكم قَرْحٌ فقد مسَّ القوم قَرْحٌ مثله، وتلك الأيام نداولها بين الناس، ولِيعلَم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين”.

 

الحمد لله الذي لا يُحمَد على مكروهٍ سواه. نعزّي أنفسنا وإياكم في هذا البلاء العظيم الناجم عن الجرائم البشعة التي لا تزال ترتكبها عصاباتُ نظامِ أبوظبي الإرهابيّة في مدينة الفاشر. أخاطبكم و عهدنا بكم ان نجتمع ونتكاتف في الاتراح قبل الأفراح. وفي هذا الخطب الجل الذي ألم بنا، أوجّه باختصار جملةً من الرسائل:

 

أولاً: أترحم على أرواح جميع الشهداء جميعا و في مقدمتهم شهداء الفاشر نساء” و رجالا” و شيبا” و شبابا” الذين لا زالت دماؤهم تنزف دافئة، و الذين ارتقوا إلى ربّهم مقبلين غير مدبّرين بعد أن أظهروا تماسكًا وصمودًا و بسالةً يعجز الوصف عن إيفائه. نسأل الله أن يتقبّلهم عنده في عليين مع الصديقين والشهداء والصالحين، وأن يلهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان.

 

ثانيًا: تحيّة فخرٍ وإعزاز وشموخ لجميع اسود فاشر السلطان الذين صمدوا في وجه حصارٍ جائر بربريٍ غاشم من قِبل نظامِ أبوظبي و مرتزقته، وقاتلوا بشجاعةٍ لم يشهدها العالم من قبل، وانتصروا في مئات المعارك رغم قلة العتاد والعدة. لهؤلاء الأبطال ترفع القبعات وتنحني هامة الشعب السوداني إجلالا” وتقديرًا لتضحياتهم التي شكّلت سدًّا منيعًا ضد تمدد العدوان نحو بقاع الوطن الأخرى.

 

ثالثًا: إلى الدول التي التزمت صمتًا مخزياً تجاه جرائم الابادة التي ترتكبها الميليشيا، وتغاضت عن تنفيذ قرارات مجلس الأمن لفكّ الحصار عن الفاشر، بل ساهم بعضها في تسليح الميليشيا عبر نظامِ أبوظبي: نقول إنّ التاريخ لا ينسى. لقد شهدنا مواقف مشابهة في الجنينة، وود النورة ورواندا، و على بعد أمتار قليلة من قوة حفظ الأمن التابعة للأمم المتحدة في سبرينيتشا، حيث كان الصمت محفزا لارتكاب الابادات والتمادي فيها. لقد سقطت ورقة التوت عن عورة شعارات الإنسانية الزائفة. لكن لايهم، فالشعب السوداني وحده من سيردّ الصاع صاعين للمجرمين والخونة.

 

رابعًا: إلى منظمات المجتمع الدولي التي عجزت عن إيصال المساعدات الإنسانية: المأساة تجاوزت حدود الإغاثة، فالموتى لا يأكلون. فبينما ينفر بعضكم خفافا لتقديم الإغاثة إلى مناطق تحت احتلال الميليشيا، يعزف آخرون عن نجدة النازحين في مناطق الأمان. لن نقبل بازدواجيةَ المعايير بعد اليوم، و قرارات الخارجية بالأمس ليست سوى البداية.

 

خامسًا: إلى أبناء وبنات السودان؛ إن الدعم الخارجيّ اللامحدود الذي تتلقاه الميليشيا، وعبث نظامِ أبوظبي بالأمن الاستراتيجي للمنطقة، يؤكد أن الهدف يتجاوز دارفور و السودان إلى إعادة تشكيل خارطة المنطقة بأكملها، و لكنّ إرادةَ الشعب أقوى، ووعينا الجماعيّ يترسخ كلما اشتدّ ظلامُ المؤامرات واستعرت رمضاء التحديات. و هذا المخطط سيُقبر بإذن الله بيقظة شعبنا ووحدته وجدانا” و عملًا. لذلك لا بدّ أن نرتقي جميعا” لحجم التحدّي، و نترفع عن الصغائر، ونستنفر كل إمكانات البلاد و الشعب لخوض المعركة الأكبر في تاريخ السودان.

 

سادسًا: إلى زملائنا في القوات النظامية والقوات المساندة: نتحمّل جميعًا كفلا من مسؤولية عجزنا عن نجدة الفاشر، وعلينا مراجعة أدائنا في المرحلة السابقة لنقوّم أي اعوجاج شابّ التخطيط أو التنفيذ. وبهذه المناسبة، نؤكّد أن وحدتنا هي الحصن المنيع الذي يحفظ الوطن من التصدّع والانهيار. وفي ظلّ هذه المحن تتجلّى حقيقة أنه لا سبيل للنجاة إلا بتعزيز اللُحمة الوطنية، وتحصين الجبهة الداخلية من محاولات الاختراق وإسقاط مشاريع التآمر والارتزاق، أياً كانت عناوينها أو أدواتها، فهذا أقصر طرق النصر بإذن الله.

 

سابعًا: إلى الشعب السوداني المكلوم: رغم هول الفاجعة، هذه ليست أولى المحن؛ فقد علّمَتنا جراح الجنينة وود النورة معنى الصمود والعودة بقوة. من يظنّ أن هذه النكبة ستدفعنا إلى التخلّي عن حقوقنا، أو القبول بخارطة طريقٍ عرجاء، يجهل طبيعة هذا الشعب، وسيطول ليله. نبشرهم أنهم سيجدوننا أشدّ منعةً وعزماً من أيّ وقتٍ مضى، ولن تستطيع أي قوة كونية فرض وجود عصاباتٍ إرهابية في مستقبل السودان.

 

ثامنًا: إلى الأراملِ والثكالى والجرحى والنازحين الذين يقضون ليالي حزن عصيبة حالكة: نسأل الله أن يلطف بكم و يربط على قلوبكم، ونعاهدكم أن السودان لن ينسى تضحياتكم الكبيرة خلال العامين الماضيين، وأنّ الشعب سيقتصّ لدمائكم الطاهرة. المعركة لا تزال طويلة، وقد استنهضت هذه الابادات همم الشعب السوداني وفجّرت غضبه، وبحول الله سيتحوّل هذا الغضب إلى حديد وبأسٍ شديد في مواجهة الميليشيا ومرتزقتها من دول الجوار وما وراء البحار، والأيام بيننا.

في الختام، نضرع إلى الله عزّ وجلّ أن يتقبّل الشهداء، ويشفي الجرحى، ويفكّ أسرّ المأسورين، ويعيد المفقودين إلى أهليهم سالمين، و يعجل لنا بالنصر ويحفظ جنودنا الأبطال في الثغور ، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × خمسة =

زر الذهاب إلى الأعلى