أخر الأخبار

الرجل الذي وقف في وجه الريح! لقاء القاهرة.. ماذا قال الرئيس “البرهان” لنظيره المصري؟

رشان أوشي

السودان لا يُغلق أبواب السلام، لكنه يرفض أن يُصاغ مصيره بدون إرادته. فمن أراد الوساطة فليأتِ بيدٍ نظيفة لا تحمل رماد الكير، وليعلم أن الكرامة السودانية ليست بنداً في أي مفاوضات.

في الوقت الذي تتسارع فيه التحركات الدولية لإعادة ترتيب المشهد السوداني وإغلاق ملفه عبر اتفاق سلامٍ على مقاس مصالح الدول الراعية، وضع رئيس مجلس السيادة الفريق أول “عبد الفتاح البرهان” خطوطاً حمراء واضحة أمام أي مبادرة لا تحترم سيادته، ولا تنطلق من الواقع الميداني والسياسي الذي صنعته الحرب.

وبحسب مصادر مطّلعة، فإن الرئيس “البرهان”، خلال لقائه الأخير بالرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” في القاهرة، اشترط أن تكون أي تفاهمات أو حوارات سياسية مستندة إلى مبادئ اتفاق جدة، بوصفه الإطار الوحيد الذي حظي باعتراف رسمي، وشكّل مرجعية عملية لوقف إطلاق النار وتدابير بناء الثقة.

لكن البرهان لم يكتفِ بالحديث عن المرجعية، بل مضى خطوة أبعد، محدداً ثلاثة شروط رئيسية تمثل جوهر الموقف السوداني من أي عملية تسوية أو وساطة قادمة:

أولًا: تجميع المقاتلين في معسكراتٍ خاضعةٍ للجيش السوداني، لأن أي حديث عن السلام دون السيطرة على السلاح يظل وهماً سياسياً.

فقد أكّد الرئيس البرهان أن “السلام” لا يمكن أن يتم في ظل واقعٍ تتناثر فيه الميليشيات على الأجزاء الغربية من البلاد، وأن أولى خطوات الحل هي تجميعها تحت إشراف الجيش الوطني، بما يضمن وحدة القرار العسكري ويعيد للدولة احتكار القوة الشرعية.

ثانياً: إبعاد “آل دقلو” عن المشهد السياسي والعسكري.
إذ اعتبر الرئيس “البرهان” أن جوهر الأزمة لا ينفصل عن الطموحات الشخصية لعائلة دقلو التي حولت ميليشيا الدعم السريع إلى كيانٍ فوق الدولة.

وبالتالي، فإن أي عملية سياسية تُبقي على هذا النفوذ خارج نطاق المحاسبة تُعد إهانة لدماء السودانيين الذين سقطوا نتيجة جرائم تلك الميليشيا.
فلا يمكن بناء سلامٍ حقيقي بوجود من تلطخت أيديهم بالدماء في معادلة السلطة.

ثالثاً: إبعاد الإمارات من الوساطة الدولية.
كان ذلك الموقف الأكثر وضوحاً وصراحة، إذ أكّد الرئيس “البرهان” أن أي وساطة تشارك فيها الإمارات مرفوضة، ما لم توقف الأخيرة دعمها المالي والعسكري لمليشيا الدعم السريع.

وأشار بوضوح إلى أن من موّل الحرب لا يمكن أن يكون وسيطاً في السلام، وأن الطريق الوحيد أمام الإمارات، إن رغبت في المساعدة، هو التوقف الكامل عن دعم الميليشيات، والتعامل مباشرة مع حكومة السودان الشرعية.

لكن أبوظبي، وفقاً للمصادر المطلعة، رفضت هذه الشروط، وأصرّت على البقاء ضمن إطار اللجنة الرباعية الدولية التي تضم الولايات المتحدة والسعودية وبريطانيا، في محاولة للحفاظ على نفوذها داخل مسار الأزمة السودانية، رغم الاتهامات الرسمية الموجّهة إليها بدعم طرفٍ متمردٍ على الدولة.

لقد أثبتت الأحداث أن اللجنة الرباعية الدولية قد تجاوزت دور المراقب إلى دور الموجّه، وهو ما يرفضه السودان بشدّة، خاصة بعد أن كان ضغطها المتكرر باتجاه الاتفاق الإطاري أحد الأسباب المباشرة لانفجار الحرب.

واليوم، لا يمكن للسودانيين القبول بوساطةٍ جديدة تُعيد إنتاج الفشل القديم، أو تُكافئ الميليشيات على حساب الجيش والمؤسسات الوطنية.

بهذه الرسائل الثلاث، رسم البرهان موقفاً سودانياً حازماً ومستقلاً، يؤكد أن السيادة غير قابلة للمساومة، وأن السودان وإن رحّب بالجهود الإقليمية الصادقة لن يقبل أن تُدار أزمته من عواصم تملك مصلحة في استمرارها.

فالإرادة السودانية وحدها القادرة على صياغة سلامٍ حقيقي، لا يقوم على التسويات الهشّة، بل على العدالة والكرامة الوطنية.

محبتي واحترامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة عشر − 11 =

زر الذهاب إلى الأعلى