العلاقات السودانية الأمريكية.. الثابت والمتغير

الحاكم نيوز :

*العلاقات السودانية الأمريكية*

*(الثابت والمتغير)*

 

د الرشيد محمد إبراهيم

مدير مركز دراسات العلاقات السياسية الدولية. الخرطوم

٢٥ أغسطس ٢٠٢٥م

 

*تمهيد*

 

ظلت العلاقات بين السودان وامريكا في حالة تأرجح على اختلاف تعاقب الأنظمة السياسية والحكومات الوطنية مما حدا بالبعض تشبيهها بالولايات المتارجحة في الانتخابات الأمريكية أثناء السباق المحتدم نحو البيت الأبيض بين الحزبين المهيمنين والمحتكرين لعدد مرات الفوز في الانتخابات الأمريكية سوأ ان كانت رئاسية نحو البيت الابيض او برلمانية نحو الكونغرس بشقيه النواب والشيوخ.

قد يبدو أن حالة العلاقات الأمريكية مع السودان أكثر استقرارا وربما انتعاشا مع الجمهوريين والنقيض في وضع الادارات الديمقراطية المتعاقبة وذلك وفق معيار فرض العقوبات الاقتصادية و وضع اسم السودان على قائمة الدول الراعية للارهاب وكذا ضرب السودان عسكريا بصواريخ كروز وتوماهوك فيما عرف بحادث ضرب مصنع الشفاء.

تجدر الإشارة إلى أن حالة العلاقات الثنائية مربوطة مدا وجزرا بالأمن الإسرائيلي حتى ان رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب لم يطلب تفكيك اي خلايا إرهابية او جماعات سودانية مصنفة أمريكيا بل اشترط فيه التطبيع مع إسرائيل مما يسقط كل التهم الموجهة سابقا للدولة السودانية.

 

وفي هذا يحاول المقال ان يلامس او يساهم في الإجابة عن السؤال المحوري. *هل نحن امام آفاق جديدة في العلاقات السودانية الأمريكية؟*.

 

*تحول وتغير في الموقف الامريكي*.

 

الان ثمة تحولات في منهج تعاطي الإدارة الأمريكية مع ملف السودان و أوضاع الحرب فيه والتي يمكن رصد مؤشراتها في *التالي:*

 

*طموح ترامب* بأن يكون رجل سلام وتطلعه لنيل جائزة نوبل للسلام العالمي.

*تصريحات مسعد بولس* التي تعبر عن وجهة نظر الإدارة الأمريكية برغبة التعاون مع السودان في ملف *الإرهاب*.

فشل او افشال *اجتماعات الرباعية* في واشنطون مما يعد استدارة و إعادة تقييم من الجانب الأمريكي لادوار الدول التي كانت تعتمد عليها في إدارتها لملف السودان خاصة *نظام أبوظبي* ومن بعد ثبوت تورطه المباشر في دعم مليشيا الدعم السريع بالسلاح الأمريكي مثل الكورنيت والجافلن مما آثار حفيظة الرأي العام الأمريكي واصبح التساهل مع نظام أبوظبي مادة جيدة لدي الغريم الديمقراطي وممارسة ضغط على الإدارة الجمهورية على خلفية هذا التجاوز الدستوري بحسان ان الكونغرس وصي على مبيعات السلاح وصفقاته الممولة ابحاثه من دافع الضرائب الأمريكي.

*حمولة المليشيا من انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب* صارت عصية على المداراة ولا يجدي السكوت معها.

مريكا الرسمية ليس لديها القدرة على تقاسم الاعباء مع نظام أبوظبي.

 

*الفرص*

البيئة السياسية الدولية تضج بالنزاعات والصراعات واولويات تجفيف الحروب صارت ضرورة لازمة خاصة المسألة الاوكرانية الروسية وتهديدها للأمن الأوروبي وشمال الأطلسي تبقى على سلم أولويات إدارة ترامب الحالية ولقاء ألاسكا يدعم خيارات السلام على قرار استمار المواجهة التي ارهقت الاقتصاد الدولي والمستدفة الأمن الأوروبي وشمال الأطلسي حتى ان منظمة حلف شمال الأطلسي الناتو أخرجت من الخدمة ولم تقوى على فعل الكثير امام هذا الخطر الأكبر في تاريخ الحلف العسكري عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية انتهاءا بالحرب الباردة وحل حلف وارسو والانتقال الي نظام القطب الواحد وفق هيكلة النظام الدولي وان كان يراه البعض وضعنا مؤقتا.

 

ليس بعيدا عن ذاكرة العالم *حرب ال ١٢ يوم بين إيران وإسرائيل* التي وضعت العالم كله على صفيح ساخن كان يمكن أن تتمدد نيرانه لتشعل حرب اقليمية او شبه عالمية هذا الحدث أعاد حالة الشرود الذهني لدعاة الحرب الي وضعها الطبيعي (ضبط المصنع) وطور من مستوى الإدراك بخطر الصراعات وأكد حقيقة وأهمية السلام بالنظر إلى حجم الفاتورة والتكلفة.

 

*توجهات الإدارة الأمريكية والمزاج الرئاسي الأمريكي* نحو أفريقيا حيث تتسم الاستراتيجية فيه بدعم الاستقرار وعقد المصالحات على نحو ما حدث من اتفاق سلام بين رواندا والكنغو قد يختلف الناس حول دوافع ومقاصد السياسات والسلام الأمريكي ولكن هذا لا ينفي حقيقة وجود حراك فعلي وجدي وان املته ظروف سياسية او فرضته حوجة اقتصادية.

*التنافس الدولي نحو أفريقيا* وتباين وتقاطع الاستراتيجيات يخلق حالة شبيهة بالعرض والطلب الاقتصادي ولكن بماركة سياسية.

دون أعمال لحسابات دقيقة لنقاط القوة والضعف في العلاقات السودانية الأمريكية لكن لا يمكن اغفال دور السودان ومكانته في ايما استراتيجية سوأ كانت أمريكية او إسرائيلية ابراهيمية او روسية وصينية كما أن تتطور و واقع نتيجة حرب الكرامة وما افرزته من معادلات اعادت رسم *خارطة التوازن الاستراتيجي في أفريقيا* يبقى محددا مهما في رسم صورة ذهنية وفعلية لشكل العلاقة القادمة.

*وجود بدائل للدولة السودانية* في *التوجه شرقا* نحو روسيا والصين وتركيا مما يقلل كثيرا من اي ضغوط واملاءات أمريكية تجاه السودان حتى وان كان عبر مجلس الأمن الدولي الذي أصبح أداة لإدارة الصراعات الدولية على وقع حق النقد الفيتو.

*المهددات*

عدم الحسم الواضح لدولة العدوان ونظام ابوظبي.

 

اللوبي الإسرائيلي ونفوذه في صناعة القرار الأمريكي ورسم سياسات المنطقة سيما الشرق الأوسط الكبير.

 

غياب الثقة والموثوقية في الإدارة الأمريكية من قبل مؤسسات ومكونات الدولة السودانية.

 

الرأي العام السودانية لديه شكوك ومخاوف كبيرة حول صدق بل نوايا التوجهات الأمريكية نحو السودان.

 

الاستقطاب الحاد الداخلي والضغط الخارجي في شان هوية علاقات السياسة الخارجية السودانية.

 

*الخلاصة*

رغم المؤشرات الإيجابية ولكن يبدو أن الوقت ما زال مبكرا للوصول إلى تقيمات دقيقة محكومة الضوابط بشأن اتجاهات ومسارات سير العلاقات السودانية الأمريكية مع الإقرار بوجود فرصة جديدة وافق سياسي وتعاون أمني وفق معادلة القوة والمصلحة خاصة في مجال مكافحة الارهاب بدأت تتشكل وتتخلق ملامحه خاصة من الجانب الأمريكي that’s good but not enough. وهو امر جيد ولكنه غير كافي.

لست موقنا بكيفية تعاطي متخذ القرار السوداني مع المبادرة الأمريكية بشأن العلاقات الثنائية مع السودان ولكن إذا قدر له الدخول ارجح واتوقع ان يدخلها بيدين اثنين الأولى ممسكة بالقرن الافريقي والثانية تجمع في اطرافها الساحل والصحراء مع شارة نصر وهزيمة اكبر حركة تمرد وارهاب دولي في غرب أفريقيا حيث علو كعب السودان وقوة سطوة جيشه فالمثلث السوداني الليبي المصري يبقى حاضرا وكذا كثافة تنافس النفوذ في الاذواد واوزو ومناجم الذهب والماس و اليورانيوم فضلا عن قضية الشرق الليبي والقرار الأممي بافراغ ليبيا من الجماعات المتطرفة والإرهابية وكل منطقة الساحل والصحراء وهو هلال الازمات الأكبر في أفريقيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 × اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى