أخر الأخبار

واشنطن بين موازنة المصالح وتأجيج الصراع في السودان

منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023، يثير الدور الأميركي جدلًا واسعًا بين من يتهم واشنطن بتأجيج النزاع، ومن يرى أنها تسعى إلى تمرير حلول سياسية تخدم مصالحها الاستراتيجية في البحر الأحمر.

ورغم محاولاتها الظهور في موقع الوسيط، تتهم دوائر سياسية الولايات المتحدة باتباع سياسة “التأجيج الجزئي”، عبر تحركات دبلوماسية تفتقر إلى الشفافية، هدفها النهائي صياغة تسوية تحفظ نفوذها الإقليمي، حتى وإن كان ذلك على حساب المطالب الشعبية.

فشل الرباعية في واشنطن

كان من المقرر أن تستضيف العاصمة الأميركية اجتماعًا رفيع المستوى لمجموعة “الرباعية” (الولايات المتحدة، السعودية، مصر، الإمارات) في 30 يوليو الماضي، لكن الاجتماع تأجل للمرة الثانية بسبب خلافات حادة حول إشراك الأطراف السودانية الأساسية، وعلى رأسها الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع.

وبحسب مصادر مطلعة، فإن مصر والسعودية رفضتا أي مقترحات لتسوية لا تحظى بموافقة السلطة الانتقالية السودانية، ما أدى إلى تعطيل المبادرة.

لقاءات ثنائية مثيرة للجدل

في أعقاب تعثر “الرباعية”، لجأت واشنطن إلى عقد اجتماعات منفصلة مع كل من البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”. وكشفت مصادر أن لقاءً آخر ضم ممثلًا عن تحالف “صمود” — الحليف السياسي الجديد للدعم السريع — إلى جانب مسعد بولس، مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

خبراء: واشنطن تفضّل الحلول الشكلية

الباحث في العلاقات الدولية الدكتور سالم البدوي يرى أن السياسة الأميركية “تسعى لفرض تسوية تؤمّن مصالحها في البحر الأحمر والممرات البحرية، دون إحداث تغيير حقيقي في بنية السلطة أو إشراك الفاعلين المدنيين”.

أما أستاذة العلوم السياسية بجامعة الخرطوم، أميرة الصادق، فترى أن “الإدارة الأميركية تدفع نحو مصالحة تُبقي على نفوذ قادة عسكريين مثل حميدتي، وتعيد تشكيل التحالفات السياسية بما يخدم استقرارًا شكليًا، لا يعكس إرادة الشارع السوداني”.

تسويات جزئية على حساب المدنيين

وبحسب مراقبين، فإن الإدارة الأميركية تراهن على “قوة الأمر الواقع”، عبر التعامل مع قطبين عسكريين متناقضين — البرهان الذي يقود الجيش بغطاء شرعي انتقالي، وحميدتي الذي يقود قوة موازية مثيرة للجدل — في محاولة للوصول إلى تسوية جزئية تضمن مصالحها الاستراتيجية.

لكن هذه المقاربة، وفق محللين، تعزز الانطباع بأن واشنطن تركّز على النفوذ السياسي والعسكري في المنطقة، أكثر من تركيزها على إنهاء الحرب أو الاستجابة لتطلعات السودانيين في بناء دولة مدنية مستقرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة × 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى