“وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت”؛ طالعتُ أمس خبرًا على وسائل الإعلام مفاده أن وزارة الصحة وقعت مذكرة تفاهم مع شركة البترجي السعودية من أجل إقامة مدينة طبية بالسودان. لكن هل يعلم القائمون على أمر وزارة الصحة أن هناك مشروعًا جاهزًا اسمه المدينة الطبية؟ ويمتلك أرضًا بمساحة ثلاثمائة فدان على الحدود الجنوبية لولاية الخرطوم، وله أراضٍ مخصصة في كل الولايات بمجموع واحد وثلاثين مستشفى، وله دراسة جدوى من أكبر الشركات، وقد قطع التصميم فيه شوطًا أكثر من ثمانين بالمئة، وحتى الأجهزة والمعدات تم تحديدها وبدأت ترسية العطاءات في أكبر منافسة شفافة، واعتمد المشروع كمنطقة حرة حتى لا يكبلُه الروتين. ووقف على خطواته رجال يسدون عين الشمس بتاريخهم المهني وخبرتهم في المجال الطبي والإداري. ولكن في بلادي كل نجاح له أعداء، ومخربو الداخل هم أخطر من العدو الخارجي، ولأن الأطماع الشخصية في وطننا هي من ترسم بعض السياسات، للأسف، تربص البعض بالمشروع من الداخل والخارج لأنه كان يهز عروشًا تعمل في التجارة بالخدمات الطبية والسياحة العلاجية.
ولأن المشروع كان سيحول السودان إلى قطر جاذبة للسياحة العلاجية، بدلاً من تصدير المرضى للخارج واستقبال التوابيت.
لو عرفتم حجم المؤامرة التي حدثت لتدمير هذا المشروع لشابت رؤوس الولدان.
تعرضت إدارة المشروع لأسوأ أنواع التنكيل، وتلك قصة نحكيها في حينها. وعندما رفض الممولون الاستمرار في المشروع إلا في وجود مدير يثقون في كفاءته ونزاهته، حاول القحاتة سابقًا ثم العسكر إعادة المدير إلى الخدمة، حيث كان هذا شرط الاتحاد الأوروبي للإفراج عن التمويل، لكن الرجل رفض العودة إلى العمل فتلقفته المنافي وذهب ليعمل في جهة تقدر الكفاءة والانضباط الصارم وتحترم الناس. فيا أخي الوزير الشاب الهميم د. هيثم، يقول مثلنا الشعبي: (الجفلن خلهن، اقرع الواقفات). لا تعيد اختراع العجلة. اطلبوا كل معلومات المدينة الطبية من دكتور كمال عبدالقادر، وسوف تجدون مشروعًا كاملاً بمبانيه وأراضيه ودراساته ومموليه، بدلًا من التأسيس لمشروع جديد يأخذ من الوقت الكثير، ونحن في أشد الحاجة لمشافٍ يتداوى فيها جرحانا من جنودنا وأهلنا بعد حرب الكرامة التي دمرت البنية التحتية لبلادنا. انفضوا عنه الغبار واختاروا له من ترون من شباب هذه الأمة، فإني أعرف أن دكتور كمال سيقدالملف عن طيب خاطر ويعطيكم ما لديه من خبرة وتجربة وعلاقات، ولكنه لن يعود للعمل فيه إطلاقًا، سائلين الله أن يتقبل منه ما مضى.
لعناية وزير الصحة الاتحادي … المستشار محمد النظيف
