مجدي عبد العزيز يكتب : السعودية التي لم تخذلنا.. ولن تُفرِّط في أمن الإقليم

▪️في عالم تتقلب فيه المواقف وتضيع فيه البوصلات، تظل المملكة العربية السعودية صخرة استقرار في الإقليم، لا تساوم على أمنه، ولا تتلكأ في واجبها نحو أشقائها. والموقف الصادر عن وزارة الخارجية السعودية يوم الثلاثاء 29 يوليو 2025، برفض تشكيل حكومة موازية في السودان، ليس موقفًا عابرًا، بل تعبيرٌ دقيق عن سياسة ثابتة، ورؤية إستراتيجية ناضجة تقف دومًا إلى جانب وحدة السودان وأمنه وسلامة أراضيه.

▪️لقد جاءت كلمات البيان السعودي قوية وواضحة، لتؤكد رفض المملكة الكامل لأي كيان متمرد أو موازٍ خارج إطار الشرعية، وتضع خطًا أحمر أمام أي محاولة لتفتيت السودان أو تقسيمه إلى جيوب ولاءات تخدم أجندات خارجية. هذا البيان، في توقيته ومضمونه، يعكس ما ظللنا نلمسه ونراه من المملكة، قيادةً وشعبًا، من حرص دائم على السودان واستقراره.

▪️منذ عقود، والمملكة العربية السعودية تنتهج سياسة خارجية تقوم على دعم الأمن الإقليمي، وترسيخ السلام، والدفاع عن قضايا الأمة العربية في المحافل الدولية. وفي مقدمة تلك القضايا، تظل قضية فلسطين حيّة في ضمير القيادة السعودية، التي لم تتخلَ يومًا عن المطالبة بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

▪️هذه السياسة المبدئية ذاتها، التي لا تعرف التلون، هي التي تجلّت في الدعم الكبير لحكومة السودان الشرعية بعد الحرب الكارثية التي اندلعت في 15 أبريل 2023، حين وقفت المملكة إلى جانب السودان حكومةً وشعبًا، وسعت منذ اللحظة الأولى إلى وقف نزيف الدم، وتحقيق السلام، وحماية المدنيين.

▪️وفي هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى أن السعودية كانت الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في أولى المبادرات الدولية لحل الأزمة السودانية. فقد قادت الرياض مع واشنطن جهود “منبر جدة”، الذي توصل إلى “اتفاقية جدة” لحماية المدنيين وإخراج قوات المليشيا المتمردة من بيوت المواطنين والمرافق المدنية، وهو ما رفضته تلك المليشيا، لتستمر في حربها العبثية وانتهاكاتها ضد الشعب السوداني.

▪️لم تكتفِ السعودية بالدبلوماسية، بل مدت يدها الإنسانية إلى السودان، عبر مؤسسة الملك سلمان للأعمال الإنسانية والإغاثية، التي ظلت تعمل في صمت وفاعلية، تقدم الدعم للنازحين، والمساعدات الطبية والغذائية للمتضررين، وتبني جسور الرحمة من أرض الحرمين إلى كل قرية ومدينة سودانية أنهكتها الحرب.

▪️في المقابل، نرى الإمارات تذهب في اتجاه معاكس تمامًا؛ تموّل وتسليح مليشيا متمردة، وتغذي مشروعًا ظلاميًا يستخدم أدوات لا تليق بالبشر، من بينها سلاح الاغتصاب الذي تحول إلى وسيلة ممنهجة لإذلال النساء السودانيات، وهو وصمة عار لا تُمحى، وجريمة ضد الإنسانية تسطرها مليشيا مدعومة إماراتيًا.

▪️لا يغيب عن العقل الاستراتيجي السعودي أن أمن السودان جزء لا يتجزأ من أمن البحر الأحمر، وأن أي محاولة لتقسيم السودان تعني فتح ثغرات خطيرة لأطراف خارجية تريد تحويل الإقليم إلى بؤر صراع وتوتر دائم. ومن هنا نفهم دقة الموقف السعودي من محاولة تشكيل حكومة موازية في نيالا، باعتبارها مقدمة لخلق “صوماليات جديدة” أو “بونتلاند ثانية” في جنوب البحر الأحمر، وهي كيانات غير شرعية ولا معترف بها، تُستَخدم كمنصات للتخريب والتجسس، وكممرات للميليشيات العابرة للحدود.

▪️ثمة فرق كبير بين من يبني ومن يهدم. السعودية تبني علاقات على قاعدة الاحترام المتبادل والتنمية المشتركة، وتدعم مشاريع السلام والاستقرار والنهضة في السودان والمنطقة، بينما الإمارات تنسج تحالفات مظلمة مع المتمردين وتغذي مشاريع التقسيم، وتستثمر في الحروب والفوضى لتمرير أجندات لا تعبّر عن شعوبنا ولا تخدم أمننا القومي.

▪️نحن على يقين بأن ما تبذله المملكة العربية السعودية من جهود صادقة، سيُثمر مستقبلًا واعدًا، تكون فيه العلاقات السودانية-السعودية أكثر رسوخًا، وتكون فيه الشراكات بين الشعبين مدخلاً لمشاريع تنمية ورفاه تعود بالنفع على الإقليم بأكمله.

▪️ختامًا، نرفع شكرنا وتقديرنا لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، على مواقفهم الثابتة، ومبادراتهم الإنسانية، وريادتهم في العالمين العربي والإسلامي، ونقولها بثقة:
السعودية لم تخذلنا، ولن تفرّط في أمننا، ولا في وحدة السودان، ولا في استقرار المنطقة.

* رئيس تحرير “الرواية الاولى”

Exit mobile version