أخر الأخبار

كلام سياسة – الصافي سالم – بشير هارون: بين الثناء والنقد”

حين أصدر رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس قراره بتعيين الأستاذ بشير هارون عبد الكريم وزيرًا للشؤون الدينية والأوقاف، لم يكن القرار عابرًا ولا عاديًا. سرعان ما غصّت بعض الحناجر غيظًا، واشتعلت منصات التواصل الاجتماعي بنيران “الانتقائية الموجهة”، وكأنّ المنصب بات حكرًا على طبقة بعينها، يزكيها سماسرة شعب كل حكومة ويباركها أرباب الولاءات الضيقة!.

غير أن الحقيقة لا تحتاج إلى تزيين؛ فهي تفرض نفسها بقوة الموقف لا بصوت الميكروفون. بشير هارون لم يأتِ من بوابات الصفقات السياسية أو دهاليز المحاصصات، بل جاء من قلب الشارع، من عمق المعاناة، من بين صفوف البسطاء. لم يعرف الرجل طريق المناورة ولا تزييف المبادئ، ولم يسعَ إلى منصب أو يبحث عن كاميرا، بل اختار طريق الصمت والعمل، في وقت كثر فيه المتحدثون وقلّ الفاعلون. كان بشير في مقدمة الصفوف عندما تراجع المتشدقون إلى الخلف، وكان صوته حاضرًا حين صمتت الأبواق أمام الفتنة.

تصدى للمليشيات الغادرة في دارفور، وواجه الخطر بثبات رجال لا يشترون المواقف بالسلامة الشخصية.

فهل يُلام من تُسند إليه المسؤولية بعد كل هذا التاريخ، أم يُشكر على قبوله التكليف في وقت تزداد فيه التحديات تعقيدًا؟.

لذا، فلتنطفئ أصوات التشكيك في وحلها، وليرتفع صوت الإنصاف، لأن الرجل لم يأتِ على أكتاف أحد، بل على رصيد نضاله الطويل. ومع ذلك، لا مناص من القول: فبعد أيام قليلة من توليه المنصب، أصدر عددًا من القرارات الجريئة، بعضها لا غبار عليه من حيث المبدأ،بين الثناء والنقد” لكن توقيتها وطريقة تنفيذها أثارا تساؤلات مشروعة. كان من الفائدة الكبري أن تتضمن هذه القرارات التدخل في معالجة تأهيل وكالات السفر والسياحة خاصة ضمانات المعتمرين ومعالجة كوتة السودان بالمملكة العربية السعودية التي تأثر علي استمرار موسم عمرة 1447 والاستعدادات المبكرة لحج 1448 ومعالجة ملف الأوقاف بالسعودية الأجدى أن يُسبق ذلك بحوار مؤسسي شامل، يجمع قيادات الوزارة والمجالس التابعة لها، ليكون القرار نابعًا من تشاور، لا يُفهم على أنه تصفية حسابات أو تنفيذ لأجندات شخصية قديمة متجددة تستهدف مكونات بعينها داخل الوزارة. نقولها بوضوح: بعض قرارات الوزير كانت في محلها، وضربت في عمق التصحيح والضبط المؤسسي، لكنها في ذات الوقت، افتقدت إلى الإشراك المؤسسي الذي يحصّن القرار من التأويل وسوء الفهم.
الوزير بشير هارون لا يحتاج إلى مديح مفرط، ولا إلى جلد ظالم. هو مسؤول الآن، وكل مسؤول يُحاسب على فعله لا على ماضيه. نريده أن ينجح، لأن فشله ليس فشله وحده، بل فشل وزارةٍ تعني ما هو أبعد من الملفات الإدارية، إنها وزارة تمس ضمير المجتمع وتؤثر في وجدان الأمة. فليصحح ما صدر من قرارات ، وليثبت على ما أحسن فيه. فالوطن لا يُبنى على العناد، بل على المراجعة الدائمة، والصدق في القول والعمل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

19 + سبعة =

زر الذهاب إلى الأعلى