
الزيارة التي بدأها رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس الي العاصمة الخرطوم ، تمثل البداية الحقيقية لتطبيع الحياة في الخرطوم والتي شهدت أصلا إستقرارا نسبيا في معظم الأحياء ، خاصة في مناطق ام درمان والخرطوم بحري وجنوب الخرطوم .
والخرطوم التي شهدت عبثا من التمرد لم تعد بيوت أشباح كما يشاع ، بل أصبحت ديارا أمنة بفضل ما بذل وما يبذل من جهود لتطبيع الحياة فيها وعودتها الي سابق عهدها يحتضنها مقرن النيلين في مشهد يمثل الحنين .
وحكومة الخرطوم لا تزال تبذل الجهود لتوفير الخدمات الضرورية ، فقد أعلنت عودة خدمات محطات المياه المختلفة ، وهذه خطوة نحو تحقيق الإستقرار في احيائها المتعددة ، وكذلك العمل على إعادة تأهيل المستشفيات والمرافق الخدمية الأخري .
وتشكيل اللجنة العليا لتطبيع الحياة في الخرطوم نقطة بارزة في هذا الجانب ودليل على أن الدولة تعمل من أجل تأمين عودة الذين هجروا ديارهم وهجروا وطنهم بسبب تلك الحرب التي دمرت كل شئ.
إن هذه الجهود تمهد وتفتح الطريق أمام العودة ، لأن عودة المواطنين تمثل البداية لإعادة تعمير ما دمرته الحرب ، فلذا أن المواطنين هم أساس هذا العمل لأنهم أحد اضلع مكونات الدولة وبدون عودتهم لن تحدث التنمية ولن يحدث التغيير المطلوب .
وتابعت خلال الأيام الماضية عودة كبيرة للسودانيين في مصر عبر العودة الطوعية ، حيث بلغ عدد العائدين خلال يونيو الماضي حوالي 30 الف مواطن ، وأعتقد أن هذا العدد سيتضاعف بعد إنتهاء إمتحانات المرحلتين الأبتدائية والمتوسطة والتي أنطلقت اليوم في مصر .
وقد ساهمت الحكومة المصرية التي أستضافتهم طيلة السنوات الماضية في تسهيل عودتهم ، فهي قدمت لهم الكثير وأعلنت مساعيها لتقديم المزيد من خلال الأستثمارات الضخمة المتوقعة ومن خلال جهودها في إعادة الإعمار والتي بدأتها بجسري الحلفايا وشمبات .
إذن الخرطوم تصلح الأن للسكن ومهيأة تماما للعودة ، فهي لن تبخل عليهم ولن تتنكر ، بل هي في أشد الأشواق لإحتضانهم كما فعلت من قبل ، وتنتظرهم من أجل إعادة إعمارها في ظل تواجدهم بها .
وزيارة كامل إدريس يتوقع أن تعقبها قرارات مهمة بعودة الوزارات الأخري الي مقارها وعودة البعثات الدبلوماسية المختلفة والتي ستدفع بمزيد من عودة المواطنين لأنهم حينها يشعرون بالأمان