
*كلام سياسة الصافي سالم*
*قبل أن تُفتح له أبواب الوزارة، كان خالد الإعيسر أكثر من مجرد صوت إعلامي.. كان جدار صدّ لا يتزحزح، وضميرًا جمعيًّا حيًا يُؤرق كل متسلق ومتملق ومتواطئ مع أدوات الهدم والانكسار.. لم يكن الرجل في معسكر المتفرجين ولا على أرصفة المواقف الرمادية، بل كان في القلب من المعركة، بالكلمة والموقف.
حين جاءه النداء ليتولى حقيبة الإعلام، لم يتردد، ولم يختبئ خلف الأعذار. ذهب وهو يدرك أن المشهد أعقد من أن يُروى، وأن العاصفة أشرس من أن تُهادن، وأن الخصوم يمتلكون ترسانة إعلامية مدججة بالدولارات والموجهات الخارجية.. لكنه ذهب. لم يكن المطلوب معجزات، بل حضور يملأ الفراغ، ونَفَس يوقظ الحواس النائمة في دهاليز الوزارات. وقد فعل.. أخرج من خلف الأبواب المغلقة أصواتًا غابت طويلاً، ونجح في أن يُعيد إلى الإعلام الرسمي شيئًا من روحه. كان أول من إعادة المنبر الدوري لمكتب الناطق الرسمي في توقيت مفصلي لم يكن خالد الإعيسر وزيرًا تقليديًا.. لم يكتفِ بالجلوس في المكتب وانتظار التقارير، بل جعل من الوزارة خلية نحل لا تهدأ، تنبض بما يحدث في جبهات الكرامة وصوت الناس في الشارع. الموجع أن أكثر السهام التي وُجهت نحوه لم تأتِ من خصوم المعركة، بل من بعض الذين يرتدون عباءة الإعلام نفسه.. أولئك الذين رأوا فيه تهديدًا لحظوتهم القديمة أو مرآةً تُظهر قصورهم بوضوح. نعم، التجربة لم تكن كاملة.. كانت قصيرة، وكان يمكن تحسين كثير من التفاصيل.. لكنه وأن غادرالموقع البوم أو الغد وأتمنى إلا يحصل فيكون ضميره مرتاح، لأنه لم يبدل، ولم يتلوّن، ولم يبع قناعاته على طاولة الصفقة شكرًا خالد الإعيسر.. لأنك أثبت أن بعض الكراسي لا تزيد الكبار إلا تواضعًا، ولا تُلهيهم عن المعركة الأهم: معركة الكرامة*.