أخر الأخبار

اللواء (م) مازن محمد اسماعيل يكتب … أسرانا لا وليَّ لهم ولا بواكي لهم

▪️إن من أوجب واجبات المسلمين نصرة المُستَضعفين حيث كانوا وأيَّاً كانوا ، وعلى رأس ذلك تحرير الأسرى من سجون العدو (مدنيين كانوا أو عسكريين) وبشتى السبل والوسائل العسكرية أو الأمنية أو القانونية الحقوقية أو الدبلوماسية أو التفاوضية والمجتمعية ، وإن من سوءات الدولة السودانية في كل عهودها الوطنية أنها لا تضع اعتباراً لأسراها في أيدي العدو ، ولا تعقد لنفسها مسئوليةً تجاه تحرير أسراها ، بل تتركهم لأقدارهم دون أدنى الجهود لتحريرهم ، وهذا هو من أكبر مخازي الدولة السودانية منذ الاستقلال وحتى اليوم.

▪️لماذا لم نسمع قط عن عملية عسكرية أو أمنية خاصة لتحرير الأسرى؟ ، ولماذا لم نسمع في جولات التفاوض المباشرة وغير المباشرة -سريةً كانت أو علنية- عن بندٍ لمناقشة تحرير أو حتى تبادل الأسرى؟ ، ولماذا تكون الدولة السودانية أعجز عن ذلك من حركة حماس التي دأبت على بذل الغالي والنفيس على تحرير أسراها من سجون الاحتلال المرة تلو المرة؟ ، ولماذا لم نسمع عن مكتبٍ مسئولٍ عن شئون الأسرى (مدنيين أو عسكريين أو أجانب مُستأمنين في ذمة الدولة) وحتى اليوم لا يعلم عددهم وحقيقة أحوالهم وأحوال عائلاتهم إلا الله ، وما الذي حلَّ ببناتنا اللاتي سُبِين وتم بيعهنَّ في أسواق النخاسة ببلاد الله الواسعة ، ومتى سيكون للمواطن المدني أو العسكري قيمة إذا كانت سلطات بلاده تستطيع تجاهله لدرجة النسيان ، ولماذا تسكت عن ذلك السلطة الرابعة (الصحافة) ومنظمات المجتمع بما في ذلك القوى السياسية والإدارات الأهلية .. لا تنشط إلا في استرضاء السلطة أو معارضتها كسباً لمتاعٍ هنا أو هناك ، وليس آخر المدهشات أن قواتنا النظامية ذاتها – وعلى كرِّ العصور والحروب- لم تنشغل كثيراً بافتداء قادتها ومنسوبيها بيد أعدائها ، رغم أن الله قد أفاء عليها من الأسرى ما تستطيع أن تفاديهم به ، وهي التي تقود التفاوض والاتصالات مع مختلف الأطراف ، حتى أن زهدها في ذلك حمل الآخرين على تمثُّل مقولة جذيمة بن الأبرش: دعوا دماً ضيعه أهله ، وليس آخراً لماذا لا توظف أموال الزكاة في افتداء رقاب الأسرى الذي هو ضمن ما شُرِعت له الزكاة؟ ، ولماذا يسكت العلماء والوُعَّاظ عن إضاعة أحكام الله في هذا الشأن.

▪️بتتابع هجرنا للقرآن أصبحنا لا نرى فك الأسرى واجباً حين يشترط في اقتحام العقبة فكُّ رقبة ، ونقرأ *{وَمَا لَكُمۡ لَا تُقَـٰتِلُونَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَٱلۡمُسۡتَضۡعَفِینَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَاۤءِ وَٱلۡوِلۡدَ ٰ⁠نِ ٱلَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنَاۤ أَخۡرِجۡنَا مِنۡ هَـٰذِهِ ٱلۡقَرۡیَةِ ٱلظَّالِمِ أَهۡلُهَا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِیࣰّا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِیرًا}* فلا نفقه من حُكمها شيئاً ولا يخطر في بالنا أنها تستوجب عملاً ، وحيث انحصرت الأسوة برسول الله عليه الصلاة والسلام فيما اعتاده من ملبسٍ ومطعَم فلم نعبأ بأمره عليه الصلاة والسلام أن فُكُّوا العاني ، ولا بهديه في شأن المستضعفين من المسلمين بأيدي قريش ، ولا انشغلنا بقول عمر بن الخطاب والقرطبي وابن العربي والجصاص وابن تيمية وغيرهم في واجب المسلمين تجاه أسراهم بيد الأعداء.

▪️إن تحرير أسرانا من سجون الجنجويد فرض عينٍ ديني ووطني ، ونحن جميعاً آثمون في خذلانهم بقدر ما يمكننا فعله تجاه هذه القضية ، والتي ينبغي بذل الوسع فيها بشتى السُّبُل وفي كل الميادين والتي تمتد إلى رعاية عائلاتهم والدعاء لهم والطرق على قضيتهم رسمياً ودولياً وإعلامياً وقانونياً وإنسانياً .. الخ ، ورغم كل ما بأعلاه .. فإنه لا شكَّ أن بيننا من ينشطون في بعض هذه الجوانب ، ولكن الواجب أن تبقى هذه القضية حيَّةً مُتَّقِدةً في كل ميادينها لضمان الحفاظ على حقوقهم وكرامتهم وفق الأحكام الشرعية والقوانين الدولية حتى تحرير كل الأسرى بأسرع وقتٍ ممكن.

*أسيرٌ في غياهبهم أسيرُ*
*أسيرٌ في سجونِهمُ حقيرُ*

*يُدنِّس عِزتي عِلجٌ رماني*
*على الرَّمْضاءِ يلفحُني الهجيرُ*

*يدوسُ كرامتي حيناً وحيناً*
*يُقَهْقِهُ وهو خَمَّارٌ سَكِيرُ*

*وأنَّاتُ الأُسَارىٰ شاهداتٌ*
*على خُذْلانكم أين النصيرُ*

*وأين الفارس المغوار يأتي*
*يفكُّ القيد أعياني الزَّفيرُ*

*ولو أن القطيع لنا جوارٌ*
*لما طابت لسُكنانا الحميرُ*

*أيهنأ عيشكم ياقومُ إنِّي*
*أُجَرَّعُ كأسَ حنظلِهِم مريرُ*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 × ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى