_________________________
*▪️تلقت الحكومة السودانية،* بحسب ما نشرته صحيفة الكرامة، معلومات من دول صديقة تُحذر من مخطط عدواني جديد تعدّه حكومة أبوظبي بالتنسيق مع المليشيا المتمردة – مليشيا آل دقلو – يقضي بشنّ هجمات جوية على مدينة بورتسودان، تستهدف شخصيات قيادية ومنشآت حيوية، مع الترويج بأن العملية إسرائيلية ضد “عناصر من الحرس الثوري الإيراني” داخل السودان.
*▪️مصادر رسمية نفت هذا الادعاء،* مؤكدة أن الوجود الإيراني في السودان محصور في البعثة الدبلوماسية الرسمية المعتمدة، ما يُسقط الغطاء المزعوم عن هذا المخط
*▪️وتأتي خطورة المخطط* – سواء صحّ كتهديد مباشر، أو كُشف كأداة تضليلية – من كونه ينطوي على خلط مقصود للأوراق، عبر توظيف الصراع الإقليمي بين إسرائيل وإيران كواجهة تغطية لعدوان إقليمي مباشر على السودان، تنفذه أطراف أجنبية بأدوات متمردة سودانية.
*▪️ما يلفت الانتباه في هذا السيناريو* ليس فقط محتواه، بل توقيته، الذي لا يبدو بريئًا بأي حال ، فالمخطط يأتي في لحظة سياسية وعسكرية شديدة الحساسية، تَقدّمت فيها قوات الشعب المسلحة والقوات المشتركة في عدة محاور بولايات دارفور، بينما انحسرت قدرات المليشيا الإرهابية وخسرت كثيرًا من عناصرها ومعداتها.
*▪️ترافق ذلك مع تعيين رئيس وزراء* مدني والإعلان عن ملامح الحكومة المرتقبة، وهو ما اعتُبر خطوة جدية في استعادة مؤسسات الدولة وقطع الطريق على مشروع “الحكومة الموازية” التي تحاول المليشيا فرضها من دارفور.
*▪️وفي الخلفية، تتحرك قوات أجنبية* – على رأسها عناصر من قوات خليفة حفتر – عبر مثلث الحدود الغربية في محاولة لتثبيت خطوط إسناد جديدة للتمرد، ما يضع البلاد أمام جبهات ضغط مركّبة ومفتوحة.
*▪️ولم يكن اختيار بورتسودان عبثيًا* ، فالمدينة الساحلية تحوّلت إلى العاصمة الإدارية والسياسية المؤقتة، ومركزًا للقرار السيادي والعسكري، فضلًا عن موقعها الحساس على البحر الأحمر، بما يمثله من ممر استراتيجي عالمي ، أي استهداف لها، أو حتى التهديد به، يعد تهديدًا مباشرًا ليس فقط للأمن القومي السوداني، بل لأمن الإقليم بكامله.
*لكن السؤال المشروع في ظل هذه الرواية:*
*▪️هل بورتسودان* – فعلًا – ضمن بنك الأهداف الإسرائيلي ؟ وهل هجومٌ عليها يُحقق أولوية عسكرية لتل أبيب في صراعها مع طهران؟ المنطق العسكري والسياسي يقول لا. فإسرائيل – المنهمكة في أكثر من جبهة مع إيران ووكلائها – لا تضع السودان، وبورتسودان تحديدًا، في مرمى نيرانها، لغياب أي تهديد فعلي هناك. ما يجعل من سردية “ضرب إسرائيلي بسبب الحرس الثوري” مجرد غطاء مموّه لعدوان آخر، بأجندات أخرى.
*▪️وفي ضوء هذه المعطيات،* يُرجّح أن المخطط برمّته لا يتجاوز كونه سيناريو خداعيًا وتكتيكيًا مُركّبًا، الغرض منه تشتيت تركيز الدولة السودانية وقواتها المسلحة، عبر افتعال تهديد وهمي في الشرق، وشغل القيادة عن الملفات الأكثر حساسية غربًا، حيث يقترب الحسم في دارفور، فالمعركة هناك *على وشك التحوّل لنقطة فاصلة* :
1. تحرير مدينة نيالا يُسقط مشروع “الحكومة الموازية”؛
2. فك الحصار عن الفاشر يُنهي الوجود الفعلي للمليشيا في شمال دارفور؛
3. وتحرير الضِّـيْـن (عد الفرسان) يقطع خطوط الإمداد ويُعيد رسم السيطرة الجغرافية.
*▪️ومن هذا المنظور* ، يصبح تسويق مخطط استهداف بورتسودان – في هذا التوقيت – أداة من أدوات الحرب النفسية والتكتيكية، لا أداة ضرب حقيقي. فالهدف هو: شد أطراف القوات المسلحة، تشتيت قرارها العملياتي، وإبطاء ساعة الحسم في دارفور.
*▪️لكن، وبرغم رجحان هذا التقدير،* فإن التعامل معه لا يجب أن يكون على قاعدة “مجرد تسريب”.ففي معارك السيادة، لا بد من الحذر كما لو أن الخطر حقيقي، مع البقاء على وعي كامل بأنه – على الأرجح – ليس أكثر من خدعة مدروسة.
*خلاصـة القـول ومنتهـاه:*
▪️إن تسريب أو تسويق مخطط “استهداف بورتسودان” لا يبدو بريئًا في مضمونه ولا توقيته، ويرجّح أن يكون سيناريو تضليليًا خادعًا، هدفه تأخير تقدم قوات الشعب المسلحة في دارفور، عبر خلق حالة استنفار موازية في الشرق، تُبدد التركيز والقرار.
▪️ولكن، ذلك لا يمنع اتخاذ كافة التدابير الوقائية وكأن التهديد حقيقي، فالمعركة لم تعد تُخاض بالرصاص فقط، بل بالتسريبات، والذرائع، والتوقيتات.