بقلم : حافظ حمودة
مع تصاعد الصراع الحالي ، يرى الرئيس دونالد ترامب أن الوقت قد حان لفرض نهاية حقيقية لهذا الملف . تعكس شروط ترامب ، التي أعلنها الآن ، نزوعاً أمريكياً نحو سياسة الضغط القصوى . هذه الشروط صارمة للغاية وتتطلب من إيران الاستسلام الكامل وغير المشروط بخصوص برنامجها النووي . يُنظر إلى هذه المطالب على أنها تهدف إلى تفكيك البنية التحتية النووية الإيرانية بشكل كامل ، ووقف تخصيب اليورانيوم ، ومنح مفتشين دوليين صلاحيات واسعة النطاق .
هذا الموقف ليس جديداً على سياسة ترامب الخارجية ، فقد انسحب في فترة ولايته الأولى من الاتفاق النووي السابق (خطّة العمل الشاملة المشتركة) ، مما أثار قلق إيران ودفعها إلى تعزيز تخصيب اليورانيوم . الآن يعود ترامب ليؤكد على أن أي تفاوض يجب أن يبدأ من منطلق استسلام إيران لوضع حد نهائي لمشروعها النووي قبل أي مكاسب أو تسويات . هذا يعكس إصراراً على منع إيران من حيازة سلاح نووي ، وهو ما تعتبره الولايات المتحدة ضرورة قصوى للحفاظ على الأمن الإقليمي والدولي .
إن إعلان ترامب عن إمكانية التدخل الأمريكي في الصراع الإسرائيلي-الإيراني يثير تساؤلات جدية حول النوايا الأمريكية . ففي حين أن هذه التصريحات قد تعكس عزم واشنطن على إعادة فرض نفوذها في المنطقة بطرق أكثر حزماً ، إلا أنها لا تعني بالضرورة استعداداً فورياً للدخول المباشر في حرب واسعة النطاق إلى جانب إسرائيل . الولايات المتحدة قدمت بالفعل دعماً لإسرائيل في إسقاط الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية ، مما يؤكد التزامها بأمن حليفتها ، لكن التدخل المباشر هو أمر مختلف تماماً .
هناك مؤشرات على أن الإدارة الأمريكية تسعى لتجنب التورط في حرب مكلفة ومعقدة في الشرق الأوسط . على سبيل المثال ، يتحرك بعض أعضاء الكونجرس لمنع تدخل الولايات المتحدة في هذه الحرب ، معتبرين أنها ليست حربنا . هذا يشير إلى وجود تردد داخلي بشأن التصعيد العسكري المباشر . بالتالي، فإن الدلالات الجيوسياسية لموقف ترامب تركز بشكل أكبر على استخدام أدوات الضغط الدبلوماسي والعسكري لفرض واقع جديد في المنطقة ، وربما اختبار مدى استعداد طهران للتخلي عن برنامجها النووي بشكل كامل ، دون الانجراف الفوري نحو مواجهة عسكرية شاملة .
حافظ يوسف حمودة
17/يونيو/2025