أخر الأخبار

خبر وتحليل – عمار العركي – دكتــور كامــل … لا تجامــل

▪️في لحظةٍ بالغة الدقة، تتطلع العيون نحو التشكيل المرتقب للحكومة المدنية الجديدة، التي يقود مشاوراتها رئيس الوزراء المكلّف، الدكتور كامل إدريس، على أمل أن تُخرج البلاد من عنق الزجاجة إلى أفق الاستقرار والانفراج السياسي.
▪️لكن ما إن بدأت مشاورات التشكيل، حتى تسللت إلى المشهد روائح مألوفة من زمنٍ لا نود أن يعود. فقد عادت لغة المحاصصة الجهوية والمجاملات الشخصية لتطل برأسها، ليس عبر قنوات رسمية أو كيانات سياسية ذات مشروعية، بل من خلال تكتلات هشة، واتصالات فردية، ومجموعات ضغط في غرف مغلقة وأخرى افتراضية. ظاهرة تتنامى بسرعة، وكأننا أمام إعادة إنتاج مخلّة لمشهد ما قبل الانهيار.

▪️هنا يجب التنبيه بوضوح:
ما يُبنى على المجاملة يُهدم بالخذلان.
وما يُمنح بغير كفاءة يُدار بغير مسؤولية.
وما يُستولد من رحم المحاصصة لا يُثمر مشروع دولة، بل يُفضي إلى دولة المشاريع الخاصة.
_*”التسريـح والدمـج واعـادة الترفيـع” : عبث بالـهيـكلــة ؟*_
▪️وسط هذه الضبابية، ظهرت تسريبات حول نية ترفيع جهاز السودانيين العاملين في الخارج إلى وزارة مستقلة للمغتربين. ورغم أن الفكرة تُسوَّق تحت لافتة “الاستفادة من الكفاءات والتحويلات”، فإنها – في سياقها الحالي – لا تنفصل عن مشهد التسويات الرمزية والترضيات السياسية أكثر من كونها خطوة إصلاح هيكلي مدروس.
▪️ترفيع الجهاز إلى وزارة، دون مبررات مؤسسية واضحة أو رؤية استراتيجية شاملة، يعني إضافة عبء بيروقراطي جديد إلى كيان هش أصلًا، ينوء تحت أزمات اقتصادية وهيكلية معقدة. والأخطر، أن هذه الخطوة قد تُحوَّل إلى حصّة سياسية أو مكافأة رمزية، لا إلى أداة فعالة لاستنهاض دور المغتربين في البناء والإعمار.
هل نحن بحاجة إلى وزارة جديدة؟
أم إلى عقلٍ جديد يُعيد هيكلة الدولة وفق الأولويات الوطنية لا وفق التوازنات الفوقية؟
*_لا لحكومـة الترضيـات والمُحاصصـة و العلاقات_ ….*
▪️الحديث المتزايد عن “ترشيحات عبر الواتساب”، و”مجموعات ترويج ذاتي”، و”أسماء تطرق الأبواب لا البرامج”، كلها مؤشرات تضع التشكيل المرتقب أمام مفترق طرق:
إما أن نُعيد الكرّة، ونفتح الباب ذاته الذي خرجت منه كل خيبات الماضي.
وإما أن نغلق دائرة التأثير غير المؤسسي، ونبني حكومة على أساس الصدق في الموقف، والنظافة في السيرة، والكفاءة في التخصص.
*_خلاصـــة القـــول ومنتهــاه_ :*
▪️إذا أُريد لهذه الحكومة أن تكون بداية جديدة، لا إعادة تدوير لمجتمع المحاصصة، فلا بد من مراجعة معايير الهيكلة والاختيار معًا.، فلا جدوى من وزارات بلا جدوى.ث، ولا فائدة من وزراء بلا مسؤولية ، ولا مستقبل لحكومة تُبنى على المحاصصة بدلاً من المؤسسية.
▪️إن ما نراه من مؤشرات على تضخم هيكلي غير مبرر، ومقدمات لاختيار قائم على المجاملة والترضيات، ليس سوى أعراض متزامنة لعملية قيصرية معقدة يجري تنفيذها تحت ضغط اللحظة، وخطر النزيف السياسي، وغياب التوافق الحقيقي.
والمخاوف الحقيقية، أن يُفضي هذا المسار المرتبك إلى تضحية بالمولود – أي بالحكومة المدنية المرتقبة التي بُنيت عليها آمال الحل والاستقرار – من أجل إنقاذ “الأم”؛ أي الإبقاء على معادلة المحاصصة المجاملة والمتحاصصة.
▪️دكتور كامل ، لا تجامل … لا تضحِّ بالمولود هذه المرة أيضاً …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنا عشر + ثمانية عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى