دكتور الفاتح يس يكتب : سباق الطاقة المحموم في عز النهار

**

لا يراودكم الشك في أن المليشيا المدعومة من الخارج دمرت وما زالت تُدمر البنية التحتية في كل مدن السودان؛ خاصةً العاصمة الخرطوم، وتحديدا قطاع الكهرباء؛ تلك الخدمة وذلك القطاع الذي تتكامل بنياته التحتية من توليد للطاقة ثم التحويل عبر المحولات ثم التوزيع الي مناطق الإستهلاك.
السودان يعتمد في توليد الطاقة الكهربائية على السدود (الطاقة الكهرومائية)، وعلى الطاقة الكيميائية بواسطة حرق الوقود الأحفوري في ماكينات الاحتراق الداخلي (المولدات)، وكلاهما طاقات غير متجددة، وفي المقابل هنالك طاقات متجددة يمكن الإعتماد عليها مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرهما.

في الآونة الأخيرة إنتشرت ثقافة محطات الطاقة الشمسية بأحجام وسعات إنتاجية مختلفة في المباني والمزارع والآبار، وحتى نساهم في نشر هذه الثقافة؛ لابد من الحديث بلغة علمية رصينة بسيطة مفهومة حتى نضع بعض النقاط الرئيسية على الحروف.

عند تعرض الخلايا الشمسية لأشعة الشمس، يحدث تفاعل بين الفوتونات (أشعة الشمس) وذرات السيليكون، مما يؤدي إلى تحرير الإلكترونات. هذه الإلكترونات الحرة تنتج تيارًا كهربائيًا، وهو ما يمكن استخدامه لتوليد الطاقة.
محطات الطاقة الشمسية تعتمد على أساسيات ثلاثة: الألواح الشمسية التي عمرها الافتراضي يصل إلى عشرون عاما أو أكتر على حسب جودتها، ومحول invertor لتحويل الضوء الي كهرباء وبطاريات وبعض الملحقات.

الطاقة الشمسية هي تحويل الطاقة الضوئية إلى طاقة كهربائية؛ لذلك فإن التوليد يعتمد على ضوء الشمس وليس على درجة الحرارة كما يعتقد البعض (في القعدات والونسات تسمع واحد يقول ليك انحنا عندنا شمس حاااارة ما مستفيدين منها).
وعلى عكس هذا المفهوم الخاطئ؛ وُجد علمياً أن إرتفاع درجات الحرارة تقلل من الإنتاج الكهربائي للخلايا؛ ولهذا تجد بعض الدول ترص الألواح فوق المسطحات المائية وفوق النباتات لتبريدها، أضف إلى ذلك تجد البعض يرص الألواح فوق الرمال والتراب؛ بالرغم من إمكانهم رصها فوق البلاط والسيراميك؛ لكنهم آثروا وفَضّلوا رصها فوق الرمال تجنبا وخوفا من الحرارة التي تُمتص بواسطة البلاط؛ بالرغم من علمهم التام بأن الغبار أيضاً يقلل من إنتاج الألواح للكهرباء.
ومن سلبيات الرص فوق الرمال؛ تراكم الغبار على الألواح الذي يحتاج إلى نظافة، وهذه النظافة تزيد من إحتمالات خدش أو كسر الألواح.

أيضاً من التحديات التي تواجه قطاع الطاقة الشمسية في السودان هي تكلفتها الإبتدائية العالية وأن الإنتاج قاصر على فترة النهار فقط، ولهذا تحتاج إلى أوعية تخزين (البطاريات) للإستخدام ليلاً، ودورة حياة البطاريات يتراوح من عامان إلى ١٠ أعوام؛ على حسب جودتها وسعرها.

الطاقة الشمسية تصلح في المباني السكنية والخدمية لرص الألواح في أسطح المباني والأرض وأيضاً تصلح في قطاع الزراعة وآبار الشرب والري بالطلمبات؛ لحصر التشغيل والإستخدام نهاراً؛ ليتم الإستغناء نهائياً عن البطاريات ذات التكلفة الجارية والتي تحتاج إلى تغير كل عامان).

على حسب المعلومات التي وردتني أن قطاع الطاقة الشمسية معفي من بعض الرسوم الجمركية والضريبة من قبل حكومة السودان، وهذا يساهم في نشر ثقافة إستخدامها؛ وهنا لابد لذوي الشأن الفني المؤسسي مثل هيئة المواصفات والمقاييس ومركز أبحاث الطاقة ووزارة الكهرباء والسدود أن تلزم شركات إستيراد محطات الطاقة الشمسية بإستيراد أدوات تلائم ظروف السودان من طقس ومناخ وغيره؛ خاصةً الألواح الشمسية. الألواح الشمسية تصنع من مادة السيليكون الذي يوجد في الطبيعة على شكل ثنائي أكسيد السيليكون وهو المكون الرئيسي للرمال؛ وهنا لابد من إجراء بحوث علمية لتوطين صناعة الألواح الشمسية التي تشكل ٧٠٪ من التكلفة الإجمالية للمحطة.

هذه كبسولة صغيرة عن الطاقة الشمسية وسأتحدث في مقال قادم عن طاقة الرياح إذا أذن الله برفع القلم.

د. الفاتح يس
أستاذ جامعي وباحث في قضايا البيئة والإستدامة.
Alfatihyassen@gmail.com

Exit mobile version