
شهدت الأيام الماضية تصعيدًا لافتًا في الهجمات التي تنفذها قوات الدعم السريع ضد أهداف مدنية ومنشآت في عدة ولايات باستخدام الطيران المسير، ما فاقم أزمة السكان المتبقين أو الذين حاولوا العودة بعد سيطرة الجيش على عدة مدن، خاصة العاصمة الخرطوم.
ومع توسيع الدعم السريع استخدام الطائرات المسيّرة في الهجوم على أهداف مختلفة في المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوداني أو قام بتحريرها مؤخرًا، تبدو خريطة الحرب بين الطرفين في طريق جديد يشكل عبئًا إضافيًا على تداعيات الحرب التي يعيشها السودانيون منذ عامين.
كما أدان مجلس الأمن الدولي مساء الخميس “بشدة” هجمات قوات الدعم السريع المتكررة على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان، داعيا لرفع الحصار عن المدينة.
وقامت استخبارات الجيش السوداني، يومي الأربعاء والخميس، بتنفيذ حملة اعتقالات واسعة في مخيم أبوشوك للنازحين، استهدفت ناشطين مدنيين وأفراد من الإدارة الأهلية بتهمة التخابر مع قوات الدعم السريع والحركات المتحالفة، بالإضافة إلى تحريض المدنيين على مغادرة مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور.
تزامنت الاعتقالات مع موجة نزوح كبيرة للسكان من مدينة الفاشر هرباً من تهديدات قوات الدعم السريع التي تحاصر المدينة استعداداً للاقتحام، كما حدث في مخيم زمزم الأسبوع الماضي.
تدخل خارجية في حرب السودان
هذا وأبلغ السودان محكمة العدل الدولية اليوم الخميس بأن دولة الإمارات كانت “القوة الدافعة” وراء ما أطلق عليه إبادة جماعية في دارفور، وذلك من خلال دعمها المفترض لقوات الدعم السريع. وهاجمت الخرطوم الإمارات أمام محكمة العدل الدولية، متهمة إياها بالتواطؤ في إبادة جماعية بحق قبيلة المساليت.
وقال معاوية عثمان، وزير العدل السوداني بالوكالة، في مستهل جلسات المحكمة إن “الدعم الذي قدمته الإمارات العربية المتحدة، وهو دعم يستمر اليوم لقوات الدعم السريع والمليشيات الحليفة لها، يبقى المحرك الرئيسي للإبادة الجماعية التي تجلت في عمليات قتل واغتصاب وتهجير قسري ونهب”.
وفي سياق ذو صلة، نقلا عن صحيفة “انتليجينس اونلاين” الفرنسية، طلبت الاستخبارات العسكرية الأوكرانية مساعدة فرنسا في تنفيذ خطة سرية لسحب النفوذ الروسي من عدة عواصم أفريقية، كما أكدت أن الوقت يعد عاملا مهما الآن، خصوصا بعدما تقلصت قدرة موسكو على إستخدام قواعدها في سوريا.
وفي السياق ذاته، وكان الممثل الخاص لأوكرانيا في الشرق الأوسط وأفريقيا مكسيم صبح، خلال مقابلة له مع صحيفة “العربي الجديد”، في فبراير الماضي، قد صرّح بأن “بعض المواطنين الأوكرانيين يشاركون في الصراع بشكل منفرد إلى جانب قوات الدعم السريع، ومعظم المقاتلين الأوكران هم من المتخصصين التقنيين”.
وكان المتحدث الرسمي باسم سلاح الجو الأوكراني إيليا يفلاش، في الـ 7 من يناير الماضي، قد كتب عبر صفحته على فيسبوك، بأن مدربي ومشغلي الطائرات بدون طيار من القوات المسلحة الأوكرانية يقدمون الدعم لقوات “الدعم السريع” بدعوة شخصية من حميدتي، وبحسب يفلاش فإن: “كييف ملتزمة بأكثر من 30 عقدا عسكرياً في أفريقيا، والسودان هو أحد هذه الدول، وتحديداً مع قوات الدعم السريع”. وقامت السلطات الأوكرانية بعد ذلك بنفي هذه التصريحات وإقالة المسؤول في سلاح الجو من منصبه.
وتداولت وسائل الإعلام مؤخرا أخبار عن إستلام قوات الدعم السريع معدات عسكرية أوكرانية جديدة قادمة من الإمارات، حيث كشفت إفادات متطابقة لمراقبين وشهود عيان من داخل تشاد عن هبوط طائرة نقل عسكرية اوكرانية بمطار ام جرس بتشاد. وقالت مصادر ان الطائرة التي اقلعت من العاصمة الاماراتية ابوظبي من طراز AN-22A تابعة لشركة الشحن الأوكرانية “أنتونوف إيرلاينز”، وهبطت على الحدود مع السودان بمطار أم جرس التشادي في 15 أبريل، ووفقًا لبيانات Flightradar24 تشتهر خطوط انتونوف إيرلاينز الأوكرانية بقدراتها في مجال الشحن الجوي للطرود كبيرة الحجم. وتؤكد تقارير استخباراتية أجنبية أن متمردي قوات الدعم السريع، بمساعدة رعاتهم الدوليين، بدأوا خلال الأيام الأخيرة في تكديس الأسلحة والمعدات الحديثة التي سيتم استخدامها لشن هجوم واسع النطاق على مدينة الفاشر بشمال دارفور غرب السودان.
هذا وقد تداولت وسائل الإعلام سابقا، تقارير ميدانية تفيد بأن الجيش السوداني تمكن من الكشف عن مستودعات أسلحة تحمل شعارات أوكرانية في المواقع التي استعاد السيطرة عليها من الدعم السريع بعد التقدمات الأخيرة للجيش، وتحدثت أنباء متداولة عن سقوط أحد المقاتلين الأوكرانيين في مدينة ود مدني عقب تحريرها من قبل الجيش، وكذلك انتشرت معلومات عن توريد مسيّرات هجومية وتقنيات تشغيلها لصالح الدعم السريع، مايؤكد كل مايتداول حول امتداد الدعم الأوكراني في السودان خصوصا، ضمن مساع أوسع لإضعاف النفوذ الروسي في أفريقيا، وخاصة أن الجيش السوداني يحظى بدعم موسكو الكامل.
كما أفاد تقرير لوكالة “رويترز” مؤخرا أن قوات الدعم السريع شغّلت طائرات مسيرة جديدة من نيالا، حيث تم استخدامها لقصف أهداف مدنية في الفاشر، بما في ذلك آخر مستشفى كبير في المدينة. وأكدت مصادر عسكرية أن إسقاط طائرة تابعة للجيش السوداني في نيالا يعكس تطور قدرات الدعم السريع في مجال الدفاع الجوي، ما أثار تساؤلات حول مصدر هذه التكنولوجيا المتطورة.
وتشير التقارير الاستخباراتية إلى أنه بعد انسحاب الجيش الفرنسي من تشاد، تم إرسال القوات الأوكرانية المرافقة له لدعم قوات الدعم السريع. ووفقًا لنفس المصادر، استخدمت قوات الدعم السريع منظومات الدفاع الجوي الحديثة القادمة برفقة القوات الأوكرانية و أسقطت الطائرتين للجيش في نيالا وأم درمان.
كما اتهمت منظمة العفو الدولية سابقا كلًا من الإمارات وفرنسا بتزويد قوات الدعم السريع بالأسلحة والتكنولوجيا العسكرية الحديثة، حيث يتم تهريب المعدات إلى السودان عبر الحدود التشادية.