أخر الأخبار

مأساة زمزم: إختبار جديد للضمير الإنساني العالمي

**

الصادق محمد أحمد

في مشهد يعبّر عن عمق المأساة التي يعيشها المدنيون في السودان، تعرّض معسكر زمزم للنازحين في شمال دارفور الأسبوع الماضي لهجوم همجي شنّته ميليشيا الدعم السريع المتمردة، أسفر الهجوم الوحشي عن مقتل مئات الأبرياء، بينهم أطفال ونساء، وتدمير كامل للبنية التحتية الصحية والخدمية داخل المعسكر. هذه الجريمة ليست سوى واحدة من سلسلة انتهاكات ممنهجة تمارسها هذه الميليشيا المسلحة بحق المدنيين العزّل في مختلف المناطق في دارفور.

الميليشيا المعروفة بتاريخ طويل من الجرائم والانتهاكات في دارفور وغيرها، استخدمت في هذا الهجوم أسلحة ثقيلة وطائرات مسيّرة، مستهدفة مواقع مكتظة بالسكان داخل المعسكر، بما في ذلك المستشفى الوحيد الذي كان يخدم مئات الآلاف من النازحين، و نتيجة لذلك فرّ أكثر من 90 ألف شخص سيراً على الأقدام دون ماء أو طعام أو حماية ، في مشهد يختزل المعاناة التي فرضتها هذه المليشيات المتمردة المجرمة على المواطنين العُزَل الأبرياء.

هذه المجزرة تضع المجتمع الدولي أمام اختبار أخلاقي وإنساني حقيقي، لا بد من تسمية الأمور بمسمياتها ، ما قامت به ميليشيا الدعم السريع المتمردة هو جريمة حرب كاملة ويجب ألا تمر دون محاسبة، إن استمرار هذه الميليشيا في استهداف المدنيين العُزَل وقتلهم والتنكيل بمن نجا منهم هو جريمة يجب أن يحاسب عليها قادة التمرد وكل من شارك فيها ، يجب أن يكون هناك موقف واضح تجاه جرائم الميليشيا وأن تُتخذ إجراءات حاسمة في مواجهتها.
المجتمع الدولي من جانبه مُطالَب بالخروج من دائرة الإدانة الشكلية إلى أفعال حقيقية عبر فرض عقوبات فورية على قادة الميليشيا وكل من يثبت دعمها له بأي صورة من الصور، كما يجب دعم الآليات الدولية لتوثيق الجرائم وملاحقة الجناة، و توفير الدعم الإنساني العاجل للنازحين، وضمان عدم تسييس المساعدات أو عرقلتها.
أما المنظمات الدولية والحقوقية، فعليها تكثيف جهود التوثيق والرصد، والعمل على تفعيل المساءلة القانونية على المستوى الدولي ، كما أنه لا يمكن إغفال دور منظمات المجتمع المدني السودانية،والتي رغم ضعف الإمكانات ما زالت تبذل جهوداً كبيرة لتقليل معاناة المتضررين ودعمهم بشتى الوسائل.
إن ما جرى في زمزم ليس حادثة معزولة بل هي إمتداد لنهج دموي تمارسه ميليشيا لا تؤمن إلا بالقتل والإبادة الممنهجة للمواطن كوسيلة لتحقيق أهدافها، والصمت عن هذه الجرائم هو تواطؤ ضمني، والتخاذل في مواجهتها هو خذلان جديد للضحايا و ذويهم. ماحدث في زمزم اختبار حقيقي للمجتمع الدولي والعالم وللضمير الإنساني ، لقد آن الأوان لتحرك جماعي ينصف الأرواح التي أُزهقت ويحقق العدالة ويعاقب التمرد المجرم على جرائمه التي ارتكبها في حق المواطن السوداني في جميع أنحاء السودان – وما أكثرها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى