أخر الأخبار

ضل التاية – بروفيسور إبراهيم محمد آدم – بريطانيا عندما تغذي الصراع لتحتفل بالذكرى

 اليوم تعقد بريطانيا وصويحابتها مؤتمراً بمناسبة الذكرى الثانية لاندلاع الحرب في السودان والتي لعبت بريطانيا دوراً أساسياً في اندلاعها من خلال ما قامت به عبر الرباعية الدولية والتي كانت تضم إلى جانبها كل من الولايات المتحدة والامارات والسعودية وقد قامت تلك الرباعية بهندسة مشروع الاتفاق الاطاري الذي يضمن مصالحها عبر حلفائها من بعض القوى السياسية السودانية وهددوا أن ذلك الاتفاق إن لم ينفذ فبديله الحرب للوصول الى اهدافهم، وقد نفذوا ذلك التهديد بالفعل ويعيش الشعب السوداني اليوم ويلاته، وتدعي بريطانيا انها تهدف لمساعدته في تناقض معروف عن القوى الاستعمارية وان تغيرت آلياتها.
يشارك في ذلك المؤتمر دبلوماسيون ومسؤولون في مجال المساعدات من مختلف أنحاء العالم، يدعون ان تلك محاولة للتخفيف من معاناة الحرب الدائرة منذ عامين في بلادنا، هذا المؤتمر يُعقد ليوم واحد، وتستضيفه بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي، ويقولون انه لا يهدف إلى التفاوض من أجل السلام، بل يسعى لتقديم المساعدات في ما تصفه الأمم المتحدة بأنه “أسوأ أزمة إنسانية في العالم”.وهذا التوصيف الجاهز تطلقه تلك المنظمة الدولية على أي أزمة جديدة دون ان تنزعه من السابقة، ربما لأن الامم المتحدة تعاني شحاً حتى في المفردات.
المؤتمر لا يضم أي ممثلين لحكومة السودان، ولا حتى مليشيا الدعم السريع. بينما تشارك فيه وفود من عشرين دولة غربية، وممثلون عن المؤسسات الدولية، كما اشرنا، ودول مجاورة للسودان منها كينيا التي تشارك في هذا المؤتمر بوزير خارجيتا رئيس الوزراء موساليا مودافادي والذي صرح بالأمس لقناة الجزير القطرية انهم يأملون أن يدعم المؤتمر المساعدات الانسانية ويحقق السلام في السودان. والمعروف ان كينيا تتخذ منها القوى الغربية مقراً للتدخلات السياسية في الشأن الافريقي عامةً والسوداني خاصةً فهم يرسمون الادوار لدول العالم الثالث حسب ما يرونه مناسباً لها ويحقق المصالح المطلوبة ز
وعلى مدار تاريخ النزاع في السودان قبل انفصال الجنوب لم تتورط كينيا في الصراع العسكري المباشر وإن دخلت الاسلحة عبر موانيها، ولكنها كانت تتولى علناً الدعم السياسي لحركات التمرد إنابةً عن الاطراف الدولية الأساسية وقد استمر هذا عبر مبادرة الايقاد لعشر سنوات وانتهى باتفاق نيفاشا الذي صنعه الغرب تحت اسم اصدقاء الايقاد، والآن تلعب كينيا ذات الدور باستضافتها لمؤتمرات الحاضنة السياسية لمليشيا الجنجويد والجمع بينها وبين حركات التمرد الأخرى كحركة عبد الواحد محمد نور وحركة عبد العزيز الحلو والسعي لإقامة حكومة موازية توفر المزيد من الغطاء الدولي للفتك بالسودان.
وحتى تقلل بريطانيا من الحرج التقى رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، في التاسع من ابريل الجاري، المبعوث الخاص للمملكة المتحدة للسودان، ريتشارد خراودر، وذلك في إطار ما تسميه بريطانيا المساعي الدولية المبذولة لدعم جهود إحلال السلام في السودان. و أوضح المبعوث البريطاني أن الهدف الأساسي من مؤتمر لندن بشأن السودان هو الدفع نحو تحقيق السلام، ووقف معاناة السودانيين، مشيراً إلى التزام بلاده بدعم كل ما من شأنه أن يحقق الأمن والاستقرار في السودان. وبحسب ديفيد لامي وزير الخارجية البريطاني فإن المؤتمر سيتضمن جهودًا لتخفيف الأزمة الإنسانية الخانقة عبر توفير مساعدات مالية من الدول المانحة ، ولكنه لن يأتي بجديد فتلك المؤتمرات هدفها كما اسلفنا هو نفخ المزيد من النيران وليس اطفاءها.
وللتذكير فإنه قبل كل مؤتمر تنسق بريطانيا والمليشيا على القيام بمجازر ضد المدنيين حتى يكون ذلك الخبر ساخناً وعاجلاً على وسائل الاعلام ليخدم الغرض من المؤتمر المعني، فبعد ان عجزت القوى الدولية المتآمرة عن تحقيق أي نصر يوقف تقدم القوات المسلحة والقوات المساندة الأخرى، عملت على القصف المدفعي الجبان ضد المدنيين العزل فقتلت اكثر من أربعمائة وتسعين مدنياً وأصابت مثل ذلك العدد وزيادة، واغتالت احدى ايقونات المقاومة الشعبية السودانية الدكتورة هنادي حامد المعروفة باسم (بت الفاشر).
إن الهدف الأساس لذلك التصعيد العسكري المصنوع هو تحرك المنظمات المدعية للإنسانية لتقول اوقفوا هذا الصراع وهم يعنون عكس ذلك لأنهم يتكسبون من استمراريته، بعد أن كانوا أصلاً السبب في قيامه، وقد تزامن ذلك مع حملات اعلامية مكثفة تحض المواطنين في مدينة الفاشر ومعسكري زمزم وابوشوك على المغادرة بدعوى المحافظة على سلامتهم بينما هي تهدف في حقيقة الأمر الى تمهيد الطريق امام المليشيات المسلحة لارتكاب جرائم ضد المدنيين العزل من قتل وتشريد واحراق للمساكن، خاصة بعد اعلان المتمرد النور القبة عن انضمام الطاهر حجر والهادي ادريس الى المليشيا وانتهاء الحياد الذي لم يكن موجود اصلاً فالحركتان هما من صنع المليشيا ابان سلام جوبا الذي هندسته ذات الجهات الدولية المتآمرة،وقد اصدر اعلام الفرقة السادسة مشاة بالفاشر تنويهاً اعلامياً شرح فيه ملابسات دعاوى الخروج .
بقي أن نعرف أن هذا المؤتمر لا يهدف الى أي سلام ولا مساعدات إنسانية ولكنه محاولة أخرى لوقف زحف القوات المسلحة كما فعلوا قبل كل مؤتمر مشابه كما اسلفنا، في باريس أو برلين أو بروكسل وسوف يخيب هذا المسعى بإذن الله، ولن يفيدهم الاحتفال بذكرى حرب صنعوها وغذوها، وسيفشل المشروع برمته بعد أن اقترب ختام النصر لشعب صامد صابر محتسب، وستكون هذه آخر كبواته بإذن الله فقد وعى الجميع الدرس وعلموا من هو الصديق ومن العدو وإن تدثر بثياب صديق .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى