أم عمار الكهالي كاتبة ومخرجه يمنية
في كل تجربة نخوضها، هناك حكايات تُكتب في زوايا الذاكرة، وأشخاص يتركون بصمة لا تُمحى. كانت تجربتي مع مجموعة من السودانيين واحدة من تلك الحكايات التي تستحق التوقف عندها وتأملها بحب وإعجاب..
حينما تلتقي بهم، تلمح في وجوههم دفء الطيبة الذي لا يمكن تجاهله. لكن وراء هذا الود البسيط، تجد عمق فكري مذهل، هم ليسوا مجرد مستمعين للأحداث من حولهم؛ بل محللون بارعون للسياسة، قادرون على قراءة الواقع بمنطقية تدهشك وتُثير فيك الإعجاب.
في جلساتهم، لا تسمع أحاديث سطحية أو مجرد استعراض للآراء، بل تجد عقولا تحمل حكمة السنين ومعرفة تغوص في عمق الأمور لتفكك تعقيداتها بحنكة مذهلة. تساؤلاتهم ذكية، ونقاشاتهم بناءة، وكأنهم يملكون مفاتيح فهم العالم بطريقة مختلفة.
لكن الأروع من ذلك كله، هو توازنهم الفريد بين الفكر والعاطفة. فهم إلى جانب ذكائهم الحاد وعقولهم الجبارة، يحملون قلوبًا لا تعرف سوى الود والطيبة..
كانت هذه التجربة درسًا لي؛ بأن الثراء الحقيقي ليس في المال أو المناصب، بل في العقول النيّرة والقلوب الصافية. السودانيون الذين تعاملت معهم كانوا تجسيدًا لهذا الثراء، كنوزًا فكرية وإنسانية أضاءت طريقي وأضافت لتجربتي المهنية والشخصية معنى أعمق.
كان لي الشرف بأن التقي بنموذج من الشعب السوداني أثناء مشاركتي كمخرجة تلفزيونية لعدد من البرامج التي أنتجها أخي الاستاذ محمد سعد لصالح تلفزيون السودان و كانت هذه البرامج بمثابة دعم و إسناد لتلفزيون السودان في فترة مابعد الحرب مباشرة و إستمرت زهاء العام و نصف الي ان إستعاد تلفزيون السودان قوته .
كان و مازال لي الشرف أن ألتقي بالأساتذة الكرام و الذين كانوا هم السبب في كتابة مقالي هذا و علي رأسهم الاستاذ المنتج محمد سعد كامل و الاستاذ المشرف نصر الدين غطاس و الاستاذة مقدمة البرامج أماني عبد الرحمن و السيد السفير الحسن العربي و دكتور ابراهيم محمد ادم و الاستاذ ضياء الدين الطيب و الاستاذة أم وضاح و الفنيين محمد طارق و أريج ومن اليمن محمد الحرازي و نبيل صلاح و كل ضيوفهم بلا فرز من قامات السودان الثقافية و السياسية و الاجتماعية.
فلهم مني كل الامتنان والتقدير، ومع هذا المقال أبعث لهم تحية احترام ومحبة، تقديرًا لما تركوه من أثر جميل في داخلي.