خبر وتحليل عمار العركي بين “مدني والكنابي و أبيي” إستراتيجية “جوبا” للخروج من أزماتها

شهدت العلاقات بين السودان وجنوب السودان تطورات متسارعة تعكس تحديات معقدة على المستويين الداخلي والإقليمي. برزت الأزمة الحالية نتيجة مزاعم بمقتل رعايا من جنوب السودان في معركة تحرير ود مدني، وربطها بحادثة الكنابي في ولاية الجزيرة. في الوقت ذاته، تعكف جوبا على استغلال الموقف لتعزيز مطالبها بضم منطقة أبيي، بالتزامن مع موجة إقالات تستهدف مسؤولين نافذين متورطين في دعم الميليشيات السودانية وصفقات مشبوهة مع أطراف إقليمية.

السودان وجنوب السودان وآبعاد أزمة الكنابي

صعّدت جنوب السُردان التوتر مع السودان، في ظل أزمة أثارتها حادثة الكنابي في ولاية الجزيرة، والتي أسفرت عن مقتل عدد من المدنيين، من بينهم رعايا جنوب سودانيين. الحادثة، التي جاءت في توقيت حساس ، أثارت ردود فعل متباينة على المستويين المحلي والإقليمي.

الأزمة في سياقها الأوسع

إندلعت الأزمة بعد معركة تحرير ود مدني، حيث زعمت جوبا أن مدنيين جنوب سودانيين كانوا ضمن الضحايا. سرعان ما تطورت الأمور إلى تصعيد إعلامي ودبلوماسي، شمل أعمال عنف استهدفت السودانيين المقيمين في جوبا والمدن الأخرى. في الوقت نفسه، شهدت جوبا دعوات لاستقطاب دعم دولي لضم منطقة أبيي، مما يعكس محاولات جنوب السودان استغلال الأزمة لتحقيق مكاسب سياسية.

جهود سودانية لاحتواء الأزمة

لم يقف السودان مكتوف الأيدي أمام هذه التطورات، بل تحرك على عدة محاور لاحتواء الأزمة وتخفيف تداعياتها حيث شكلت الحكومة لجنة عليا للتحقيق في حادثة الكنابي، مؤكدة التزامها بالوصول إلى الجناة وتقديمهم للعدالة.

بادرت الحكومة السودانية بالتواصل مع جنوب السودان بإجراء اتصالات مكثفة مع جوبا لتهدئة التوترات ومعالجة الحادثة دبلوماسياً.

أصدرت الحكومة بياناً رسمياً يدين الحادثة، ويؤكد على حماية حقوق المدنيين وفق القانون الدولي الإنساني. ووجهت السلطات السودانية بعثتها الدبلوماسية في جوبا للعمل على حماية المواطنين السودانيين المتضررين وتقديم الدعم اللازم لهم.

لأبعاد الإقليمية والسياسية

الأزمة الحالية ليست مجرد حادثة عابرة، بل تكشف عن تحديات أكبر في العلاقات بين الخرطوم وجوبا. فاستغلال جنوب السودان لهذه الأحداث لطرح قضية أبيي دولياً يعيد إلى الواجهة الصراعات المستمرة بشأن الحدود ودعم الحركات المسلحة. كما يثير هذا الاستغلال تساؤلات حول قدرة البلدين على تجاوز العقبات التي تعيق تحقيق استقرار دائم في المنطقة.

ما وراء الكواليس: تحركات سلفاكير

في تطور لافت، كان الرئيس سلفاكير قد أقال مستشاره السياسي والأمني النافذ والمُقزب الإمارات والمليشيا ،ضمن سلسلة متتابعة من إقالات سابقة لشخصيات نافذة في حكومة سلفاكير متهمة باستغلال نفوذها لدعم مليشيات الدعم السريع ، وعقد صفقات مشبوهة مع جهات خارجية في هذا الصدد ، هذه الخطوات تشير إلى محاولات جوبا للتخفيف من الضغوط الدولية، لكنها في الوقت ذاته تفتح الباب أمام تساؤلات حول دور تلك الشخصيات في الأزمة الحالية مع السودان.

رسالة السودان للعالم

الأزمة الراهنة تتطلب من السودان تكثيف جهوده الإعلامية والدبلوماسية لتوضيح موقفه أمام المجتمع الدولي. فبينما تتهم جوبا السودان بالتورط في مقتل مدنيين، يبرز السودان التزامه بتحقيق العدالة وضمان حماية المدنيين، داعياً إلى التزام الجميع بمباديء حسن الجوار.

خلاصة القول ومنتهاه

ما يحدث اليوم بين السودان وجنوب السودان هو اختبار حقيقي لمدى قدرة البلدين على تجاوز الخلافات وإيجاد حلول مشتركة. على السودان أن يستمر في تقديم نفسه كطرف يسعى إلى الاستقرار، بينما عليه أيضاً أن يواجه محاولات جوبا لتوظيف الأزمات لتحقيق أجندات سياسية. الحفاظ على التوازن بين الدبلوماسية والحزم سيظل التحدي الأكبر أمام الخرطوم في هذه المرحلة الدقيقة.

Exit mobile version