أخر الأخبار

علي احمد دقاش يكتب : تأملات الجمعة

{قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّا إِذًا لَّظَالِمُونَ}

وردت هذه الاية في سورة يوسف في سياق طويل من قصة سيدنا يوسف حيث اراد اخوة يوسف ان يصحبوا معهم اخوهم بنيامين شقيق يوسف الي مصر إستجابة لطلب عزيز مصر لكن ابوهم رفض ان يسمح لابنه المحبوب بنيامين ان يخرج معهم خوفا من تكرار مآساة فقده ليوسف فحاججوه وقالوا له انهم سيحافظون عليه ويزدادون كيل بعير .
وافق يعقوب في النهاية بعد ان اخذ منهم موثقا ان يحافظوا عليه الا ان يحاط بهم .
لكن بكيد من عزيز مصر أتهم بنيامين بسرقة صواع الملك ولابد من حجزه حسب شريعة اهل يعقوب التي تقر حبس السارق وإسترقاقه .
تذكر إخوة يوسف موثقهم مع والدهم فتناجوا ثم طلبوا من عزيز مصر ان ياخذ احدهم مكانه لكن يوسف “عزيز مصر ” رفض بشدة وقال :
{قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّا إِذًا لَّظَالِمُونَ}
في تفسير السعدي
قَالَ يوسف ;; { مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ }-
أي: هذا ظلم منا، لو أخذنا البريء بذنب من وجدنا متاعنا عنده، ولم يقل “من سرق” للدقة و تحرزا من الكذب، { إِنَّا إِذًا }- أي: إن أخذنا غير من وجد في رحله إنا { لَظَالِمُونَ } لاننا وضعنا العقوبة في غير موضعها.
في الظلال يقول سيد قطب :
“إن أخذنا غير الذي وجدنا متاعنا عنده إنا إذا نفعل ما ليس لنا فعله ونجور على الناس .”
هذه الاية شديدة الردع لمن يريد ان ياخذ البريئ بجريرة الجاني ردعت الحجاج بن يوسف مع ما عرف عنه من بطش وشدة في العقاب وقساوة .
جاء في تاريخ الطبري انه :
[ جاء رجل إلى الحجاج فقال :
إن أخي خرج مع ابن الأشعث ، فضرب على اسمي في الديوان ، ومنعت العطاء ، وقد هدمت داري . فقال الحجاج :
أما سمعت قول الشاعر :

جانيكَ مَن يَجني عَلَيكَ وَقَد
تُعدي الصِحاحَ مَبارِكَ الجُربُ
وَالحَربُ قَد تضطَرُّ جانِيَها
إِلى المَضيقِ وَدونَهُ الرَحبُ
وَلَرُبَّ مَأخوذٍ بِذَنبِ عَشيرَةٍ
وَنَجا المُقارِفُ صاحِبُ الذَنبِ

فقال الرجل :
أيها الأمير ، إني سمعت الله يقول غير هذا ، وقول الله أصدق من قول الشاعر .
قال الحجاج وماذا قال الله ؟
قال الرجل قال :
{قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ • قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّا إِذًا لَّظَالِمُونَ }
قال الحجاج :
يا غلام ، أعد اسمه في الديوان ، وابن داره ، وأعطه عطاءه ، ومر مناديا ينادي :
صدق الله وكذب الشاعر .
الاسبوع الماضي بعد دخول مدني تم رصد تجاوزات ضد سكان الكنابي حيث قيل انه تم إعدام مشتبه فيهم باعتبارهم متعاونين مع المليشيا في عدد من الكنابي والقرى دون محاكمات وتثبت من الإتهامات دار حول ذلك لغط شديد بل سمعنا والي سنار يقول :
” مافي سجن مافي غرامة بس السماء ذات البروج ” وهو كلام لا ينبغي ان يصدر من رجل دولة مما جعل رئيس مجلس السيادة يصدر قرارا بعزله وحسنا فعل .
• دخل الدعم السريع مدينة مدني في ١٨/١٢/٢٠٢٣ وانتشر في قرى الجزيرة يعيث في الارض فسادا قتلوا وأغتصبوا وسرقوا يساعدهم في ذلك متعاونون من هذه القرى وخاصة سكان الكنابي رغم تكوينهم لجنة للظواهر السالبة الا انها لم تستطيع الحد من هذه للانتهاكات وتكبح جماح المتفلتين .
كانت الانتهاكات عظيمة وواسعة الإنتشار اشهرها في ود النورة والسريحة والمعيلق وقري شرق الجزيرة وقري اخري كثيرة. مات الآلاف من المواطنين الأبرياء نهبت ممتلكاتهم واغتصبت حرائرهم وشردوا من ديارهم
و مع ذلك هذا لايبرر الانتقام بلا ضوابط ولا قانون. العدالة تقتضي عدم أخذ البريئ بجريرة المذنب ومن واجب الدولة ايقاف الفوضى وإحقاق الحق والحكم بين الناس بالقسط .
هذا جيش نظامي محكوم بقانون وليس مليشيا .
مطلوب الضبط والربط وحفظ الامن في كل الأحوال لا برئ يؤخذ بجريرة مذنب ا :
{قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّا إِذًا لَّظَالِمُون }
علي احمد دقاش الجمعة ١٧/يناير ٢٠٢٥

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى