أخر الأخبار

خبر و تحليل عمــار العركــي إهمال الاستراتيجيات والتركيز على الشخصيات

:

العلاقة بين السودان و الإمارات

ضجت الوسائط بانتقادات واسعة وسطحية لتصريح وزير الخارجية خلال مقابلة صحفية مع وكالة الأناضول، والذي قال فيه: “السودان تربطه علاقة طيبة بالإمارات”. عبارة قد تبدو للوهلة الأولى بسيطة، لكنها تحمل في طياتها الكثير من المعاني التي تتطلب تدقيقاً بعيداً عن السجالات السياسية الظرفية.

تاريخ الإمارات وشخصية حكومة الإمارات

إن العلاقة بين السودان والإمارات ليست مجرد علاقة حكومية عابرة، بل هي علاقة تاريخية ومتجذرة في سياق مشترك يمتد لأكثر من أربعة عقود. السودان كان شريكاً رئيسياً في تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ ساهم بشكل أساسي في بناء مؤسساتها وأطرها السياسية والاقتصادية بعد التأسيس. هذا الدور الذي لعبه السودان في مرحلة بناء الإمارات لا يمكن لأية حكومة أو سياسة أن تمثله أو تعبر عنه بالكامل، خصوصاً في سياق سياسي متغير مثل الوضع الحالي.

* أما بالنسبة لحكومة الإمارات الحالية، بقيادة محمد بن زايد، فهي تمثل بالأساس حكومة دولة الإمارات، لكنها لا تُعبر بالضرورة عن تاريخها أو عن شعبهار وشعبيتها كما قد يفهم البعض. فحكومة محمد بن زايد هي حكومة وظيفية تكتيكية ومؤقتة، تسعى لتحقيق مصالح معينة تتماشى مع السياقات الإقليمية والدولية، لكن لا يمكن اختزال علاقة السودان بالإمارات في إطار سياسي مرحلي أو تكتيكي يتغير بتغير القيادة.

*_التفرقة بين سياسات الحكومة والتاريخ المشترك_*

* تتمثل التفرقة بين الحكومة الحالية والتاريخ المشترك في أن حكومة محمد بن زايد تمثل السياسة الحالية للإمارات، وهي بالطبع حكومة تتخذ قرارات تخدم مصالحها في إطار الزمان والمكان الحالي. إلا أن هذا لا يعكس بالضرورة التاريخ العميق والتعاون الممتد بين السودان والإمارات، الذي أسس له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي كان له فضل كبير في دعم السودان في مراحل حاسمة من تاريخه.

* الفريق أول ياسر العطا في تصريحات سابقة ٱوضح الفرق بين الحكومة الحالية وبين السياسات الاستراتيجية الأوسع التي تنطوي على علاقات متينة أعمق من مجرد مواقف حكومية ظرفية. في النهاية لا تعبر حكومة محمد بن زايد عن الإمارات في كل تفاصيلها، بل تعكس فقط موقف حكومة معينة في لحظة تاريخية معينة ، لكن علاقة السودان بالإمارات هي علاقة استراتيجية ترتكز على أسس تاريخية ثابتة لا يمكن أن تتغير بتغير الحكومات أو السياقات السياسية.

*_الاستراتيجيات تُبنى على التاريخ لا على الشخصيات_*

* في هذا السياق، من المهم فهم أن السودان يجب أن يظل متماسكاً بمفهوم العلاقة الاستراتيجية الثابتة مع الإمارات، وعدم الانجرار وراء تغييرات حكومية قد تكون مؤقتة، فالاستراتيجيات الكبرى لا تُبنى على شخصيات أو مواقف آنية، بل تُبنى على تاريخ طويل من التعاون والمصالح المشتركة، التالي يجب التفكير بأفق استراتيجي واسع، بعيداً عن صندوق حكومة الإمارات المعادية والتكتيكي المؤقت.

*_تقييم تصريح وزير الخارجية وانتقادات الوسائط_*

* تصريح وزير الخارجية السوداني حول العلاقة الطيبة بين السودان والإمارات هو تصريح يبدو للوهلة الأولى بسيطاً في معناه، لكنه يحمل في طياته أبعاداً استراتيجية عميقة تتطلب فهمًا دقيقاً يتجاوز السجالات السياسية اليومية. الوزير كان محقاً في تأكيده على العلاقة الطيبة بين البلدين، وهي علاقة تمتد جذورها لأكثر من أربعة عقود، ويجب أن يُفهم هذا التصريح في سياق الاستراتيجية الثابتة التي تربط الشعبين السوداني والإماراتي، بعيداً عن تحولات الحكومة أو القيادة الحالية في الإمارات.

* ومع ذلك، انتقدت العديد من الأصوات في الوسائط الإعلامية هذا التصريح، حيث اعتبر البعض أنه مبسط جداً ولا يعكس التوترات أو التحولات الحالية في العلاقة بين الحكومتين. هذا النقد، على الرغم من كونه موجهًا تجاه وزير الخارجية بشكل رئيسي، يعكس أيضاً مواقف سياسية ظرفية قد تكون بعيدة عن جوهر العلاقة الاستراتيجية بين الدولتين. تلك الانتقادات بدت في غالبها سطحية، حيث اقتصرت على الهجوم الشخصي على الوزير دون التطرق إلى السياق التاريخي والمعرفي الذي يشكل الأساس لهذه العلاقة.

* من المهم أن ندرك أن التصريحات السياسية المؤقتة لا يمكنها أن تعكس جوهر العلاقات الاستراتيجية الطويلة الأمد بين الدول. الوزير في تصريحه كان يسعى لتأكيد الثوابت الاستراتيجية التي تجمع السودان بالإمارات، بعيداً عن التفاعلات التكتيكية التي قد ترافق المواقف السياسية للحكومة الإماراتية في الوقت الحالي. وبدلاً من الهجوم على التصريح، كان الأجدر بتلك الأصوات أن تتوقف عند تحليل العلاقة الاستراتيجية بشكل أعمق، بعيداً عن الشخصيات والتغيرات المؤقتة.

*_خلاصة القول ومنتهاه_*

* في نهاية المطاف، يجب أن نعي أن العلاقة بين السودان والإمارات ليست مجرد علاقة مع حكومة معينة، بل هي علاقة استراتيجية تمتد عبر الزمن. التصريحات السياسية المؤقتة أو الهجمات الشخصية لا تُمثل جوهر العلاقة، بل على العكس، فإنها تغفل الأبعاد الاستراتيجية التي تحكم هذه العلاقة. يجب أن تكون النقاشات حول العلاقة بين السودان والإمارات أكثر عمقاً، مع التركيز على المصالح الاستراتيجية التي تحكمها، بعيداً عن عاطفة التركيز على الأفراد أو الحكومات المتغيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى