عثمان ميرغني يكتب : مع الوزير علي يوسف

مساء أمس تشرفنا -نحن ثلة من الصحفيين- بجلسة مع وزير الخارجية الجديد د. علي يوسف بمنزله بالقاهرة.. استجابة لدعوة منه بغرض التشاور قبل أن يستهل مهامه.. في هذا الوقت والظرف العصيب.
ليس مألوفا أن يبتدر وزير عهده بالاستماع إلى الصحفيين.. بل على النقيض غالبا ما يستنكف كبار المسؤولين عن الصحافة ويتحاشون التواصل معها ظنا أن ذلك يواري سوءات يخشونها ويرغبون في اغماض أعين الشعب عنها.
من مجمل ما قاله الوزير علي يوسف و اجاباته على الأسئلة الكثيرة التي طرحت عليه.. أتوقع أنه يحمل رؤية مختلفة كثيرا.. ولديه الرغبة الصادقة في التغيير الحقيقي الذي ينعكس ليس على أداء وزارة الخارجية فحسب.. بل مجمل الدولة، خاصة المجهود العسكري الذي يتصدى له الجيش منذ 15 أبريل 2023.
الدبلوماسية السودانية خلال الفترة الماضية كانت أحد أهم أوجه القصور في أداء الدولة السودانية.. تبعثر السفراء بين العواصم وجفت رئاسة الخارجية في بورتسودان من الدبلوماسيين وتحول منصب الوزير – المكلف- إلى مجرد سكرتارية لمجلس السيادة.. لا تلعب دورا أصيلا بل تكتفي بالتصريحات الباردة التي لا تقدم ولا تؤخر شيئا..
ولا أقصد أن أقلل من أداء الوزيرين – المكلفين – السابقين علي صادق و حسين عوض.. فهما كانا يعملان في وضع لا ترغب فيه قيادة الدولة العليا اسناد دور أصيل مباشر للخارجية.. وتفضل بدلا عنها الدبلوماسية الرئاسية.
و لم تكن الدبلوماسية الرئاسية قادرة أن تنهض بالعلاقات الخارجية.. بل تحولت هي لنقطة ضعف أخرى.. فالجولات الرئاسية التي باشرها رئيس مجلس السيادة منذ خروجه من القيادة العامة للجيش بالخرطوم ووصوله الى بورتسودان.. لم تكن ذات هدف محدد,, كانت أقرب إلى زيارات مجاملة لم تحقق دعما مباشرا للسودان وهو يواجه حر با وجودية سافرة.. زار البرهان مصر وجنوب السودان ويوغندا و قطر وكينيا وجيبوتي وغيرها.. ولم يصدر بيان مشترك في أي منها يوضح ماهو التأثير المباشر لهذه الجولة على وضع السودان الأفريقي أو الدولي.
ثم ذهب إلى نيويورك مرتين وألقى خطاب السودان أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، و لم يؤثر ذلك في الوضع الاجمالي دبلوماسيا للسودان.
وكان الأمل أن تكون زيارة الصين و المشاركة في القمة الصينية الأفريقية فتحا كبيرا في السياسة الخارجية السودان.. ولكن ظلت الأوضاع كما هي.. رغم اجتهاد الاعلام الرسمي في تضخيم صورة غير حقيقية عن الانجازات التي تحققت اقتصاديا في زيارة الصين.
من الواضح أن الدبلوماسية السودانية لم تكن قادرة على احداث اختراق في عزلة السودان الدولية.. حتى و لو لم تكن هناك حرب في البلاد لما استطاعت تحقيق شيء فالعجز هنا هيكلي في الدولة عامة والوزارة نفسها خاصة..
نأمل أن ينجح الوزير الجديد علي يوسف في النهوض بالدبلوماسية السودانية.

Exit mobile version