الصادق محمد احمد يكتب : التريث في إنتقاد المسؤولين: بين الحكمة والمصلحة الوطنية

**

*الصادق محمد احمد*

في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه بلادنا ، وفي هذه المرحلة الحاسمة من تاريخنا الحديث، نجد أنفسنا أحيانا أمام قضايا معقدة تتطلب من المسؤولين دراسة دقيقة وعميقة قبل اتخاذ القرارات المناسبة. في هذه اللحظات الحساسة، من المهم أن نتريث وننتظر ردة فعل وقرارات المسؤولين، بدلًا من التسرع في الحكم أو انتقادهم.
إن القرارات التي تتعلق بالقضايا القومية والدبلوماسية والمصالح العليا للبلاد تتطلب تحليلا معمقا للمعطيات، وفهما شاملا للتبعات المحتملة على المدى القصير والبعيد .المسؤولون الذين يتعاملون مع هذه القضايا ليسوا بمعزل عن الضغوط، و هم بكل تأكيد محاطون بفريق من الخبراء والمستشارين الذين يساعدونهم في اتخاذ القرارات المناسبه ،لذلك فإنه من الحكمة أن نترك لهم الوقت الكافي للنظر في الخيارات المتاحة، بعيدا عن التسرع في اتخاذ موقف مبني على مشاعر اللحظة أو ضغوط الرأي العام.
إن إصدار الأحكام المسبقة على المسؤولين قبل أن نرى النتائج أو نفهم التعقيدات التي يواجهونها لا يخدم المصلحة العامة، نحن كمواطنين قد لا نملك الصورة الكاملة أو المعرفة الكافية لتقدير كل التفاصيل التي تدخل في هذه القرارات، ومع أنه من الطبيعي أن يشعر الناس بالقلق أو الرغبة في سرعة التصرف، فإن الانتظار أحيانا هو الخيار الأكثر حكمة.
إن ادعاء المعرفة الزائدة أو الاعتقاد بأننا نفهم أكثر من المسؤولين أنفسهم يعكس أحيانا قلة وعي بمسؤولية القيادة وأعبائها، فالمسؤولون مكلفون برعاية مصالح الدولة والشعب، ولديهم أدوات وإمكانات تمكنهم من رؤية الأمور من زوايا قد لا نراها نحن ، لذلك فمن الأفضل أن نثق في خبراتهم وأن نمنحهم الفرصة لأداء مهامهم دون أن نحملهم فوق طاقتهم أو ننتقدهم دون الأخذ في الاعتبار تفاصيل وتعقيدات الموضوع .
لا إحد ينكر دور الإعلام الحيوي والمهم في القضايا القومية من خلال رفع الوعي العام وإبراز مواطن القصور في السياسات أو القرارات المتعلقة بالقضايا القومية و تسليط الضوء على أخطاء في الإدارة أو توجيه الاهتمام إلى قضايا مهمَلة ، ولكن التريث والتأني في الحكم على المسؤولين والقرارات المتعلقة بالقضايا القومية والدبلوماسية ليس ضعفا، بل هو علامة على نضج ووعي جماعي.
إن المسؤولية التي تقع على عاتق القيادة تتطلب من الجميع، سواء كانوا مواطنين أو إعلاميين، أن يتحلوا بالصبر والتأني في الحكم. هذا النهج يعزز من قوة الموقف الوطني ويضمن توجيه النقد البناء في خدمة المصلحة العامة والمصالح العليا للوطن.

Exit mobile version