=حينما كانت بعض التصريحات والتقارير الصادمة تصدر من المنظمات العالمية والدولية عن شبح المجاعة في السودان/وهي بالمناسبة منظمات بعضها يتحكم في الاحتكارات العالمية لإنتاج الغذاء وتسويقه عبر شركاتها متعددة الجنسيات/كانت جبال المحاصيل الغذائية تشمخ في أسواق محاصيل القضارف وملايين الجوالات في الصوامع تدحض الأكاذيب وتسخر من دموع التماسيح،وكان ذلك بمثابة رد عملي والحرب في عامها الأول من القطاع المصرفي الوطني بقيادة البنك الزراعي وبنك النيل ومصرف المزارع علي المتكسبين والمتاجرين بمجاعة (السودان المفترضة ).. منظمات كذوبة أو مجموعات سياسية متواطئة مع المليشيا المتمردة التي نهبت المشاريع الزراعية والجرارات والمخازن وافقرت المنتجين ودمرت المحالج والمصانع والبنوك ،إذن هي “الجاني “وتأتي الآن لتمثل دور” الضحية ” في مسرح العبث ..!!
=ويبلغ الاداء التمثيلي ذروته في مسرحية “لاتغمضوا أعينكم عن المجاعة في السودان ” اقتباسا من التقارير الملفقة/دور البطولة لإحدي المجموعات النسوية في كمبالا، كاتب السيناريو ياسر عرمان والمخرج “تقدم” التي انتجت (الإتفاق الاطاري ) الذي انتج الحرب،وبالضرورة هدف العمل الدرامي ليس توفير الغذاء للمحتاجين والذي علي قلته تحتجزه وتسرقه المليشيا المتمردة(رغم أنف القانون الدولي الإنساني)،إنما إقامة وإعاشة فريق العمل في الفنادق الاوغندية والكينية هو الهدف السامي لهذه التمثيليات المحبوكة..!
=بعيدا عن التمثيل وقريبا من الواقع،يصل الموسم الزراعي في القضارف إلي محطة الحصاد بعد إسبوعين من الآن بجهود مشتركة بين الثلاثي حكومة الولاية /والبنك الزراعي القطاع الشرقي/والمزارع المنتج الذي فلح الأرض ٧ مليون فدان في القضارف ٢ مليون في كسلا ” ذرة -سمسم-زهرة الشمس- القطن_حب البطيخ “،في ظل غلاء مدخلات الإنتاج والمهددات الامنية وإيمانهم الراسخ “وفي السماء رزقكم وماتوعدون”.. !
=البنك الزراعي وفر مدخلات الإنتاج لهذا الموسم ومول العملية الإنتاجية،رغم تعرضه للنهب الممنهج وخروج فروع كثيرة من الخدمة وعدم استرداد أمواله من العملاء في المناطق التي اجتاحتها المليشيا،واستطاع مدير القطاع الشرقي المهندس صالح أحمد صالح أن يوظف خبرته وارتباطه بالإقليم ومهاراته الإدارية والحسابية في حل المعادلة الصعبة، استمرارية تمويل المزارع وعدم خروجه من الإنتاج،رغم اشكاليات ومعوقات المديونيات التي تحول دون السداد ودائرية التمويل وعدم تسييل الضمانات وفق قانون الأراضي، ومراعاة عدم افقار المعسرين مع حوجة البنك الزراعي للتمويل من أجهزة الدولة غير المستقرة منذ سنوات لضمان استمرارية التمويل والإنتاج..!
=وخلال جلسة استمرت لساعتين برفقة المهندس أمير عثمان دقلل ممثل مجموعة دال الغذائية بولايتي كسلا والقضارف في مقر البنك الزراعي،استمعت وشاركت في حوار شيق وثري حول :”القيمة المضافة للمنتجات الزراعية” أو مايسميه المختصون :(سلاسل القيمة الزراعية الغذائية المستدامة الشاملة)،بين خبير مصرفي و أحد أعمدة أكبر المجموعات الاقتصادية ذات الجودة العالية للمنتجات في البلاد ،فثمة مؤسسات وطنية تبدأ رحلة نجاح جديدة من الصفر لايعرف إليها الإحباط طريقا..!
= وبالملخص فإن عبقرية الفشل وعدم التخطيط تتجلي في عدم وجود مصنع زيوت/يوجد مصنع طحنية واحد في ولاية هي الأشهر بانتاج السمسم الذي غنت له عائشة الفلاتية وفعلا لايزال “الزول صغير وماعارف “قيمة موارده الطبيعية التي يمكن تحويلها إلي صناعات غذائية بدلا عن تصديرها كخام بارخص الأسعار واستيراد سلعة غذائية بأسعار عالية،فضلا عن توطين صناعات واقتصاديات مدخلات الإنتاج كالخيش والسماد والمبيدات الزراعية،كل تلك التصورات والرؤي تظل مجرد أفكار ليس لها سيقان، مالم تستقر البلاد وتطبق سياسات اقتصادية ومالية صارمة، ربما سيحدث ذلك قريبا مع انتصارات القوات المسلحة واكتمال التحرير وبداية الإعمار برؤية واضحة للاقتصاد حتي يسهم عمليا وسريعا في إعادة الإعمار والاستفادة من دروس الحرب.. وماالمجاعة إلا اسلوب من أساليب الحرب علي السودان حول “الأرض ،المعادن ،البحر ،النيل” التي هي في الأساس امتداد ل(الحروب علي الموارد )للكاتب مايكل كلير: كحروب الشرق الأوسط علي النفط والممرات المائية والمواني وحرب روسياو أوكرانيا حول الطاقة وانتاج القمح والحرب الاقتصادية الشرسة بين الصين وامريكا حول التقانة والاقتصاديات والسباق العسكري التي حطمت اسطورة ونبوءة( نهاية التاريخ والإنسان الأخير) لفرانسيس فوكوياما الذي تسوده أمريكا بلا منازع ..!