غضّ الطرف عن جرائمها وصمت عن إدانتها،،
ما ارتكبته من انتهاكات لا يختلف عن جرائم داعش وبوكو حرام..
البرهان سيكرر في خطابه أمام الأمم المتحدة المطالبة بتصنيف الميليشيا جماعة إرهابية..
وزير الخارجية: 3 سمات تشترك فيها الميليشيا المتمردة مع المنظمات الإرهابية..
تاور: الكونغرس الأمريكي مهتم بتصنيف الدعم السريع جماعة إرهابية ولكن..
موسى: مخطط لتمزيق السودان تنفيذه ميليشيا الدعم السريع..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
ويشهد شروق كلَّ يوم تطلع فيه الشمس، المزيد من الجرائم والانتهاكات والمجازر التي ما فتئت ترتكبها ميليشيا الدعم السريع المتمردة تجاه المواطنين، انتهاكات تعكس حقيقة تراجع الميليشيا عن هدفها الرئيس الذي وسوس لها به شيطان الخيانة الخناس لتنقلب على القوات المسلحة صبيحة الخامس عشر من أبريل 2023م في محاولة بائسة ويائسة لتقويض نظام الحكم، وإعلان إمارة آل دقلو نظاماً جديداً لحكم السودان!!، فقدت ميليشيا الدعم السريع البوصلة وراحت تمارس أبشع الجرائم وأفظع الانتهاكات في حق المواطنين الأبرياء والعزل دون أن يتحرك لها جفن، ودون أن ينطق المجتمع الدولي ببنت شفاه تجاه هذه الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وجرائم الإبادة الجماعية، والغريب في الأمر أن المجتمع الدولي نفسه كان قد أدان ذات الميليشيا عندما ارتكبت ذات الجرائم في دارفور في العام 2003م – 2004م حيث وجهت المحكمة الجنائية الدولية تهماً في حق عدد من قادة هذه الميليشيا تتعلق بالقتل والاغتصاب وتدمير المنازل والقرى الترحيل القسري، وأصبح الرئيس العزول عمر البشير ومجموعة من أركان حربه وأعوانه من النافذين في الحكم، مطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية جراء الفظائع التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع.
مهدد للإنسانية:
وكانت الحكومة السودانية قد طالبت في يونيو الماضي 2024م بإعلان ميليشيا الدعم السريع جماعة إرهابية، على خلفية ارتكابها مجزرة دموية في قرية ود النورة بولاية الجزيرة والتي راح ضحيتها أكثر من 180 شخصاً من المواطنين العزل، بينهم أطفال ونساء، وعجزة ومسنون، واعتبرت الحكومة مجزرة قرية ود النورة شاهداً ودليلاً على ما اسمته تراخي المجتمع الدولي تجاه الميليشيا الإجرامية ومرتزقتها الأجانب، ورعاتها الإقليميين، الذين ظل المجتمع الدولي يتفرج عليهم وهم يواصلون تزويدها بالأسلحة الفتاكة والمتقدمة، عبر جسر جوي متواصل، يربط على مدى عام ونصف بين سماوات أوغندا وتشاد والإمارات، وطالبت الحكومة السودانية بأن تكون مجزرة قرية ود النورة بمثابة نقطة تحول في نظرة المجتمع الدولي للدعم السريع ليتم تصنيفها جماعة إرهابية تهدد الإنسانية جمعاء.
سيكررها البرهان:
ويحزم رئيس مجلس السيادة الانتقالي، القائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق عبدالفتاح البرهان، حقائبه متوجهاً مطلع الأسبوع القادم إلى الولايات المتحدة الأمريكية لحضور أعمال القمة رقم 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث من المتوقع أن يكرر البرهان مطالبته للمجتمع الدولي بتصنيف ميليشيا الدعم السريع جماعة إرهابية، والمساعدة في القضاء عليها وإدانة أعمالها، وسيقدم البرهان الأدلة والبراهين الداعمة لمطلبه بعد مرور نحو عام ونصف من حرب مارست فيها الميليشيا الإرهابية كل أنواع الانتهاكات والجرائم ضد المدنيين بعد أن فشل مشروع تمردها الذي حاولت من خلاله الاستيلاء على السلطة بقوة السلاح، وخدمة أطماع دوائر إقليمية ودولية طامعة في ثروات موارد السودان.
صدمة الضمير الإنساني:
وفي يونيو 2023م، طلب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتصنيف الدعم السريع جماعة إرهابية عطفاً على الحرب المدمرة التي أشعلتها ضد الشعب السوداني منذ منتصف أبريل 2023م بالتحالف مع ميليشيات قبلية، وأخرى إقليمية ودولية ومرتزقة من مختلف أنحاء العالم، وقال البرهان في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إن ميليشيا الدعم السريع ارتكبت جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في معظم أنحاء السودان، ومارست التطهير العرقي والعنف الجنسي”، مستشهداً بالجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها في مناطق مثل الجنينة في غرب دارفور، والتي قال إنها تمثل صدمة للضمير العالمي.
استمرار المساعي:
وفي بانكوك حيث انعقاد اجتماعات الدورة رقم 62 لاجتماعات المنظمة الاستشارية القانونية الآسيوية الأفريقية، طالب وزير العدل السوداني دكتور معاوية عثمان محمد خير بتصنيف قوات الدعم السريع منظمة إرهابية، ودعا الوزير خلال مخاطبته الجلسة الافتتاحية للاجتماعات، المجتمع الدولي للاضطلاع بدوره ومسؤولياته القانونية والأخلاقية باحترام حق السودان في حماية أرضه وشعبه، كما أكد على ضرورة الإدانة الصريحة لقوات الدعم السريع وتصنيفها كمنظمة إرهابية لكافة الأفعال غير الإنسانية التي تقوم بها، وذلك انطلاقاً من أهمية اجتماعات المنظمة والمتعلقة بمناقشة القضايا والموضوعات ذات الصلة بالقانون الدولي، وتقديم التوصيات بشأنها إلى حكومات الدول الأعضاء وإلى المنظمات الدولية، للاسترشاد بها في سعيها لتحقيق السلم والأمن الدوليين.
لا يأس مع الأمل:
ومن هنا يتضح أنه ما من منبر دولي أو إقليمي إلا وسلكه السودان من أجل إدانة ميليشيا الدعم السريع وتنصيفها جماعة إرهابية، إسوةً بشبيهاتها من جماعات إجرامية مارست ذات الأفعال وارتكبت ذات الجرائم والانتهاكات، فأدانها المجتمع الدولي بإعمال إجراءات ملموسة، حاسب بها قادتها ومموليها واعتبرها جماعة إرهابية، وشنَّ عليها حرباً ضروساً قضت على بعضها كتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في العراق والشام، ومازالت محاولة القضاء على البعض الآخر مستمرة كحركة الشباب الإسلامي في الصومال، وجماعة بوكو حرام في نيجيريا، لقد أسمعت الحكومة السودانية إذ نادت حيَّاً، ولكن يبدو أنه لا حياة لمن تنادي، ولا يأس مع الأمل ومع استمرار الإرادة، واستمرار المحاولات الجادة والجريئة والمسنودة بالحراك العسكري بالانتصارات المتلاحقة في ميادين القتال وجبهات العمليات.
سمات إرهابية مشتركة:
وانتقد وزير الخارجية السوداني حسين عوض علي صمت المجتمع الدولي تجاه الانتهاكات والجرائم التي ظلت ترتكبها ميليشيا الدعم السريع في حق المواطنين الأبرياء والعُزل، وطالب الوزير في إفادته للكرامة بتصنيف ميليشيا الدعم السريع جماعة إرهابية، مبيناً أن الانتهاكات التي ترتكبها الميليشيا المتمردة لا تختلف عن الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش وجماعة بوكو حرام، منوهاً إلى ثلاث سمات رئيسة تشترك فيها ميليشيا الدعم السريع المتمردة مع المنظمات الإرهابية، مثل وجود أيديولوجية متطرفة، وعمليات عبر الحدود، ووحشية عشوائية وخاصة تجاه المدنيين والنساء، مشيراً إلى العنف العرقي والجنسي الذي تمارسه الميليشيا وتقوم بتوثيقه بنفسها، مبيناً أن عنف الميليشيا المتطرف ينبع من أيديولوجية التفوق العنصري، التي تسعى إلى إنشاء وطن حصري للقبائل العربية من دارفور والساحل، والتي يشار إليها غالبًا باسم “عرب الشتات”، وقال إن الميليشيا وفي سبيل تحقيق هذه الغاية، تعمل على طرد السكان المحليين في المناطق الخصبة مثل دارفور وكردفان والجزيرة وسنار لإعادة توطين هؤلاء البدو العرب.
اهتمام أمريكي ولكن:
ويشير الخبير الاستراتيجي والقانوني الفريق شرطة دكتور جلال تاور إلى اهتمام بعض النواب بالكونغرس الأمريكي ولجنة الشؤون الخارجية بتصنيف الدعم السريع جماعة إرهابية من خلال مخاطبة الإدارة الامريكية ورفعهم مذكرة للرئيس جو بايدن مستعرضين فيها الانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها هذه الميليشيا المتمردة في الخرطوم ودارفور، ولكن لم يصدر من البيت الأبيض ما يدين ميليشيا الدعم السريع، مرجعاً الأمر إلى الانشغال بإجراءات الانتخابات، وأشار دكتور جلال تاور في إفادته للكرامة إلى وجود تناقض أفعال وازدواجية في المعايير بشأن إدانة ميليشيا الدعم السريع، مبيناً أن الأمر مرتبط بدولة الإمارات التي لا يريدون فرض عقوبات عليها رغم الأدلة التي قدمها مندوب السودان في الأمم المتحدة بشأن دورها في إطالة أمد الحرب من خلال دعمها المستمر للميليشيا المتمردة التي تمثل مخلباً لها في السودان، ونوه تاور إلى مواقف بريطانيا وفرنسا وإسرائيل الساعية إلى تقسيم السودان إلى دويلات، مثلما فعلوا بانفصال الجنوب، ويسعون إلى فصل دارفور.
خطة مرسومة للتمرد:
وعلى ذات المسار المتعلق بجهود الغرب لتقسيم السودان، يمضي دكتور محمد موسى أحمد، أمير إمارة بني هلبا بولاية وسط دارفور، الذي يشير في إفادته للكرامة إلى خطة زمنية قال إنها مصممة منذ أمد بعيد لتقسيم السودان واستقلال موارده، وأبان أن خطة التقسيم نجحت في فصل جنوب السودان، إلا أنها فشلت في فصل جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور، وأكد أن الغرب لم يقف مكتوف الأيدي من أجل الوصل لهدفه تجاه تمزيق السودان بل ظل يتحين الفرصة لتحقيق ذلك حتى وجد ضالته في الدعم السريع بعد دراسة معمقة ومطولة في جوانب كثيرة، حيث جرى استقطاب الدعم السريع لتنفيذ هذا المخطط قبل اندلاع ثورة ديسمبر، ونوه الأمير محمد موسى أحمد إلى أن الدعم السريع لم ينتهِ بعد من الخطة المرسومة له والتي تقضي باجتياح مدينة الفاشر التي حاول إسقاطها مراراً وتكراراً، ولكنه ظل يفشل في كل مرة حتى تجاوز عدد هجماته الفاشل على الفاشر 130 هجوماً، بفضل صمود وبسالة القوات المسلحة والقوات المشتركة والقوات المساندة لها والمستنفرين.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر يبقى تصنيف المجتمع الدولي لميليشيا الدعم الريع كجماعة إرهابية مسألة وقت ليس إلا، خاصة بعد أن بدأت هذه الميليشيا تستنفد أغراضها مثلما فعل من قبل تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش) الذي يعتبر صنيعةً أمريكية، ومع ذلك تنصلت عنه واشنطن واعتبرته تنظيماً إرهابياً وحاربته حتى قضت عليه، فما بالك بميليشيا الدعم السريع وهم الجنجويد المغضوب عليهم منذ العام ٢٠٠٣م ،وفشلوا الآن في العام ٢٠٢٤م في تحقيق أهداف المحاور الإقليمية والدولية وبالتالي أصبحوا يشكلون قلقاً دولياً في ظل جرائمهم الموثقة وفي ظل تحرك السودان دبلوماسياً، والكونغرس الأمريكي سياسياً لإدانتهم وتصنيفهم جماعة إرهابية.