توقعات بسيطرة “العمال”.. خريطة الانتخابات العامة في بريطانيا

تستعد المملكة المتحدة، اليوم الخميس، لإجراء انتخابات عامة مصيرية قد تغير المشهد السياسي في البلاد بشكل جذري، إذ إنه بعد 14 عامًا من حكم حزب المحافظين، تشير استطلاعات الرأي إلى احتمال فوز كاسح لحزب العمال المعارض وتولي سدة الحكم.

ويستعرض هذا التقرير أهم المعلومات حول هذه الانتخابات التاريخية وآلية إجرائها وأبرز المرشحين فيها.

النظام الانتخابي البريطاني
أوضحت صحيفة “ذا جارديان” البريطانية أن النظام الانتخابي في المملكة المتحدة يتميز بخصائص فريدة، تعكس تاريخ البلاد العريق في الديمقراطية البرلمانية، إذ تنقسم المملكة المتحدة إلى 650 دائرة انتخابية، تمثل كل منها مقعدًا في مجلس العموم، يختار الناخبون في كل دائرة ممثلهم البرلماني وفق نظام الفائز الأول، إذ يفوز المرشح الحاصل على أكبر عدد من الأصوات، بغض النظر عن نسبة هذه الأصوات من إجمالي المصوتين.

هذا النظام، رغم انتقاده من قبل دعاة التمثيل النسبي، يمنح البرلمان البريطاني طابعًا فريدًا، فهو يميل إلى إنتاج حكومات قوية ذات أغلبية واضحة، لكنه قد يؤدي أحيانًا إلى نتائج لا تعكس بدقة التوزيع الحقيقي للأصوات على المستوى الوطني.

في هذه الانتخابات، يتنافس المرشحون من مختلف الأحزاب السياسية، أبرزها العمال والمحافظون والديمقراطيون الليبراليون و”القومي الأسكتلندي” والخضر والإصلاح، كما يمكن للمرشحين خوض السباق الانتخابي كمستقلين.

أحقية التصويت
تشير آخر الإحصاءات الرسمية، بحسب الصحيفة البريطانية، إلى وجود نحو 49 مليون ناخب مسجل في المملكة المتحدة، ولكي يكون الشخص مؤهلًا للتصويت، يجب أن يكون مسجلًا في سجل الناخبين وأن يبلغ من العمر 18 عامًا أو أكثر في يوم الانتخابات، كما يشترط أن يكون الناخب إما مواطنًا بريطانيًا، أو مواطنًا مؤهلًا من دول الكومنولث، أو مواطنًا من جمهورية أيرلندا.

تفتح مراكز الاقتراع أبوابها من الساعة السابعة صباحًا حتى العاشرة مساءً، مما يتيح للناخبين فرصة واسعة للإدلاء بأصواتهم، ويقوم الناخبون بوضع علامة “X” بجوار اسم المرشح الذي يختارونه على ورقة الاقتراع.

تبدأ عملية فرز الأصوات وإعلان النتائج في الدوائر الانتخابية المختلفة بعد انتهاء العملية التصويتية، ومن المتوقع أن تعلن أول دائرة انتخابية نتيجتها في نحو الساعة 11:30 مساءً، ثم تتوالى النتائج، مع توقع إعلان نتائج نحو 440 مقعدًا (من أصل 650) بين الساعة الثالثة والخامسة صباحًا، وعادة ما يتم الانتهاء من إعلان جميع النتائج بحلول الساعة الثامنة صباح اليوم التالي.

مسار النتائج
تبدأ الإثارة الحقيقية لليلة الانتخابات مع إعلان نتائج الاستطلاع من مراكز الاقتراع في تمام الساعة العاشرة مساءً.

هذا الاستطلاع، الذي يتم إجراؤه في نحو 130 مركز اقتراع مختارًا بعناية، يعد مؤشرًا قويًا على اتجاه النتائج، إذ إنه على مدى الانتخابات الخمس الماضية، تراوح هامش الخطأ في هذا الاستطلاع بين 1.5 و7.5 مقعد فقط، ما يجعله أداة موثوقة للتنبؤ بالنتيجة النهائية.

توقعات بتغيير جذري
وفقا لـ”ذا جارديان”، تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى احتمال حدوث تحول كبير في المشهد السياسي البريطاني، فوفقًا لمتوسط استطلاعات الرأي في الأيام العشرة الأخيرة، يتمتع حزب العمال بتقدم كبير على حزب المحافظين، إذ حظيَّ بـ40.7% من نوايا التصويت، مقابل 20.7% للمحافظين، وإذا ترجمت هذه النسب إلى مقاعد برلمانية، فقد يحصل حزب العمال على 428 مقعدًا، بزيادة هائلة قدرها 225 مقعدًا عن الدورة البرلمانية السابقة.

في المقابل، قد يشهد حزب المحافظين انهيارًا كبيرًا، متراجعًا إلى 127 مقعدًا فقط، بخسارة 238 مقعدًا، وهذا السيناريو -إذا تحقق- سيمنح حزب العمال أغلبية برلمانية قوية تصل إلى 102 مقعد.

قادة الأحزاب
يقود المعركة الانتخابية شخصيات سياسية بارزة، لكل منها خلفية وأسلوب مختلف، إذ يترأس حزب المحافظين ريشي سوناك، رئيس الوزراء الحالي الذي تولى منصبه في أكتوبر 2022.

وسوناك، المصرفي السابق والحاصل على تعليم في أرقى الجامعات البريطانية، يحاول تقديم نفسه كقائد يمكن الوثوق به لقيادة البلاد بعد فترة من الاضطرابات السياسية.

في المقابل، يقود حزب العمال المعارض السير كير ستارمر، الذي تولى زعامة الحزب في أبريل 2020.

وستارمر، المحامي السابق ومدير النيابات العامة، يسعى لتقديم صورة معتدلة لحزب العمال، متخليًا عن النهج اليساري الراديكالي لسلفه جيريمي كوربين.

إلى جانب هؤلاء، هناك قادة أحزاب أخرى يلعبون دورًا مهمًا في المشهد السياسي، مثل إد دافي زعيم الديمقراطيين الليبراليين، وجون سويني زعيم الحزب القومي الأسكتلندي، وكارلا دينير وأدريان رامزي لحزب الخضر، ونايجل فاراج لحزب الإصلاح البريطاني.

انتخابات مصيرية
تكتسب هذه الانتخابات أهمية استثنائية نظرًا للظروف التاريخية التي تمر بها المملكة المتحدة، فهي تأتي بعد فترة من الاضطرابات السياسية والاقتصادية غير المسبوقة، بدءًا من تداعيات استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) في 2016، مرورًا بفضيحة “بارتي جيت” التي أطاحت برئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون، وانتهاءً بالفترة القصيرة والمضطربة لرئاسة ليز تراس التي لم تدم سوى 50 يومًا.

هذه الأحداث، إلى جانب التحديات الاقتصادية المتمثلة في ارتفاع تكاليف المعيشة وتباطؤ النمو الاقتصادي، قد شكلت وعي الناخبين وتوقعاتهم، كما أن صعود أحزاب شعبوية، مثل حزب الإصلاح، يضيف بعدًا جديدًا للمشهد السياسي، مما قد يؤثر على توزيع الأصوات وتشكيل التحالفات المستقبلية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى