الرادار – ابراهيم عربي – (ولاة مدنيين) … دوليك التمكين والتأجيل ..!

يبدو أن عملية تعيين ولاة مدنيين للولايات قد تعثرت وليس هنالك إتجاها قريبا منظورا لها ، كما يبدو أيضا ان مفاوضات جوبا تمضي في إتجاه التعثر أيضا عند كبوة الترتيبات الأمنية والتي أعلنت الحكومة الإنتقالية عن رؤيتها التي يحملها وزير الدفاع لطاولة المفاوضات ، وبالطبع ستجعلها تلكم التباينات وسط حركات الكفاح المسلح بعيدة المنال ، كما يبدو واضحا أن عبد العزيز الحلو لازال بعيدا عن توقيع إتفاق ، تماما كما يبدو رفيقه عبد الواحد نور ، ولذلك ستظل أقلاها  تلكم الولايات التي تشهد أوضاعا أمنيا بعيدة جدا عن تعيين ولاة مدنيين لها لأسباب موضوعية تتعلق بالأوضاع في الولايات نفسها .
في وقت إحتدت فيه الخلافات داخل حركات الكفاح المسلح في منبر مفاوضات جوبا بشان (تعيين ولاة مدنيين) ، ولكنها علي كل قد انقذت المواقف المتشددة لبعض قادة الأجهزة النظامية من تعيين ولاة مدنيين حاليا لرؤيتها الأمنية المتخصصة ، في وقت ضربت فيه الخلافات مكونات الحرية والتغيير (قحت) بسبب تسابق بعضها ومحاولاتها المستمرة التمكين لنفسها . 
من الواضح أن التسابق بين مكونات (قحت) قد دخل مراحل متقدمة من التجاذبات والشكوك ، فقد لجأ حزب الأمة القومي لممارسة سياسته التي يجيدها بإحترافية (اللعب بين البيضة والحجر) ، معلنا تجميد عضويته في (قحت) وهو يشارك في بعض إجتماعاتها بصفته الحزبية مطالبا ب50% من مقاعد الولاة بينما دخل حزب المؤتمر السوداني حلبة الصرع معلنا مشاركته والدفع بإثنين من قياداته واليا لكل من شمال دارفور وسنار ، فيما نتقلت الانباء أن التجمع الإتحادي دفع بأيمن خالد مرشحا لمنصب والي الخرطوم ، في وقت تحفظ فيه الحزب الشيوعي عن تسمية أحد قياداته واليا للجزيرة .
بينما تداولت الانباء نشوب خلافات حول إختيار ولاة (الشرق وجنوب كردفان) حيث يواجه ترشيح  الصحفي صالح عمار واليا لكسلا إعتراضات واسعة ، فيما راجت معلومات عن ترشيح العميد كمال إسماعيل بماكينة دفع خارجية من  الرئيس الإرتري أسياس افورقي واليا لكسلا ، غير ان الرؤي النهائية رهينة بمؤتمر الشرق .
فيما فشلت كافة محاولات الدكتور حمدوك الدفع بإمرأة واليا للخرطوم ، بينما دفعت قحت بإمرأتين لكل من نهر النيل والشمالية ، في وقت أعلنت فيه مكونات الولايتين رفضهما بشدة وعدم قبولهما تعيين إمرأة واليا عليهما مما ادخل رئييس الوزراء (نصير المرأة) في مأزق ، غير أن حزب الأمة القومي قد إستبق المواقف معلنا ترشيح ست مريم المنصورة لوزارة الصحة .
يبدو أن الخلافات بشأن الولاة المدنيين قد طالت الأطراف المختلفة ، فتباينت المواقف بشأنها داخل الحكومة الإنتقالية أيضا ، فقد أعلن المجلس الأعلي للسلام علي لسان أمينه الدكتور الدبيلو ، أعلن تأجيل المجلس تعيين (ولاة مدنيين مؤقتا الآن) لأسباب تتعلق بالولايات نفسها ، وقال ان المجلس وجه بإيفاد قيادات تنفيذية وسيادية للولايات التي ظلت تشهد أحداثا أمنية لتكثيف المشاورات وإستقصاء المواقف فيها .
الواقع أن محاولات (قحت) المستمية بشأن تعيين (ولاة مدنيين مؤقتين) قد فشلت رغم سند الجبهة الثورية لها عقب التقارب والتوادد الأخير بينهما ، فقد أعلنت الثورية موافقتها تعيين (تعيين ولاة مدنيين مؤقتا في كافة ولايات السودان تحقيقا لأهداف الثورة) ، وقد دفع رئيس الجبهة الثورية الدكتور الهادي إدريس بخطاب أمس الاول الإثنين لرئيس المجلس السيادي ومجلس الوزراء ورئيس الوفد الحكومي المفاوض نائب رئيس المجلس السيادي ورئيس فريق الوساطة ب(الموافقة) وإكمال التعديل الوزاري إلى حين الوصول الى إتفاق السلام ، غير ان المجلس القيادي للجبهة الثورية إشترط (عدم تصدير ولاة من المركز للولايات) .
غير أن مني آركو مناوي رئيس حركة جيش تحرير السودان (المنشق حديثا عن الجبهة الثورية) ذهب في إتجاه مغاير ، رافضا بشدة أي إتجاه لتعيين ولاة مدنيين قبل الوصول لإتفاق سلام ، واصفا موافقة الجبهة الثورية بتعيين الولاة بالاستسلام للاحزاب التي وقفت ضد نضال الهامش (حسب قوله) وأعتقد إنه يقصد (قحت)، وأضاف مناوي قائلا (حتي ولو إستسلم أصدقاءنا في صف النضال لصالح الأحزاب التي وقفت ضد مطالب الهامش ، لا يمكن قبول تعيين الولاة بهذا الشكل المخزي الذي يرمي لتزوير مبكر للإنتخابات) .
لذلك يبدو أن الخلافات بين شركاء التغيير قد إستفحلت بسبب النظرة القاصرة من قبل (أحزاب الركشة) التي سرقت الثورة باكرا وفرضت سيطرتها علي الأوضاع في البلاد تريد لنفسها التمكين منذ ان تنكرت وتنمرت باكرا علي الجبهة الثورية شريكها في التحالف ، وقد أضاعت علي الشعب السوداني ثورته ووحدة صف أهله ، فحولت مشاورات اديس ابابا إلي مفاوضات جوبا لتزرع حصادها تعنتا (10) أشهر من اللت والعجن دون الوصول لإتفاق .
غير أن الواضح أن الخلافات وسط جماعة الكفاح المسلح قد تصاعدت وتباينت عندها المواقف ما بين تعيين ولاة مدنيين أو إستمرارية الولاة العسكريين المكلفين في مواقعهم حتي توقيع الإتفاق النهائي بمفاوضات جوبا والتي لازالت تتارجح بين مجموعات حركات الكفاح المسلح المختلفة .
نحن مع تعيين ولاة مدنين تنفيذا لمتطلبات الثورة ، ولكن في إعتقادي ان التعيين في هذا التوقيت ليس موفقا وسيخلق نوعا من الفتنة بين رفقاء الكفاح المسلح من جهة وبين المكونات المجتمعية والسياسية بالولايات من جهة أخري ، وعليه نري ضرورة إستمرار الولاة العسكريين مكلفين في أماكنهم حتي الوصول لسلام في مفاوضات جوبا !.
عمود الرادار … الأخبار … الثلاثاء 20 يوليو 2020 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى