مأمون على فرح يكتب : الجزيرة الخضراء أرض الدموع

على مد البصر في مشروع الجزيرة الخضراء كانت مثل هذه الأيام لوحة لا يتقنها رسامي العالم اجمع من أرض وانسان في قلب السودان النابض واللوحة هي انسان الجزيرة الذي اتته المصائب بقدوم التمرد والذي احال هذه اللوحة الراقية الي خراب وبؤس لايوصف مع حركة النزوح التي شهدتها الجزيرة.

لقد ضاعت معالم اللوحة في خضم استهداف الإنسان والمكان ولأول مرة منذ زمن طويل لن يستطيع المزارع في الجزيرة زراعة أرضه مع أولى حبات المطر التي هطلت في الجزيرة.

على امتداد القرى في المشروع الاضخم في أفريقيا لن يكون بمقدور المزارع مع فتيات وفتيان القرية الذهاب إلى الحقل لبذر بذور الفول والذرة كالعادة في كل موسم من مواسم الخريف.

لقد حل الخوف ورائحة البارود محل هذه الأدوات التي تهب الحياة للانسان والجيران وكان في مكانها الموت والحصار والجوع وتمزق اللوحة الأروع في أرض المحنة أرض الخير والعطاء.

أولئك الوافدين لم يعرفوا قدر هذه الأرض وكيف كانت طوال تاريخها الطويل مركز لايواء كل اهل السودان توفر لهم العمل في حقولها والقري الآمنة المطمئنة ليكون عملا ومسكن فقد قدموا واحالوا هذه اللوحة الي خراب ودمار وخرجت الجزيرة من دائرة الإنتاج الي دائرة الألم والحزن.

ان الوحوش التي اجتاحت الجزيرة لا تعلم شيئا عن أرض المحنة وهذه اللوحة التي رسمناها في بلد ترحب بالجميع… لم تكن الجزيرة وقراها يوما ما أرض قتال طوال التاريخ الحديث كانت هذه القرى لوحة للأمن والأمان والسلم المجتمعي.

واليوم مع أولى زخات الخريف تزكرنا الجزيرة وفي الحلق غصة وقد استباحها مجرمي العالم السفلي اجمع مع خونة ومارقين من أبناء جلدتنا يشاهدون هذه الجرائم ويتقاسمون مع قاذورات أفريقيا غنائم الغلابة والتربالة وشقي الايام والسنين ويضحكون بأعلى أصواتهم نكاية في الفلول في قري ليس بها ادني الخدمات.

ان الزمن وان طال لابد من العودة إلى هذه اللوحة وان عدنا انتقمنا من كل من افسدها واحال زكرياتنا الجميلة الي اوجاع ودموع فتبا للغرباء عنا…

Exit mobile version