أخر الأخبار

دكتور عبد الله محمد عثمان يكتب : حسين حيماد و رحل الصحابي المتأخر

 

ما رايت رجلا خفيفا علي الحياة والناس مثله ، و ما عاصرت رجلا و جهه وقلبه و ماله واسرته وبيته مبذولا للمحتاجين والضيوف والعابرين مثله ، كان د. حسين رجلا كريما شديد النبل و الصدق والوفاء ، كان عارفا باقدار الناس و بمواقعها في نفوس بعضها البعض ، لا يغادرك حين يلتقيك إلا بعد ان يسألك عمن تحب من الأصدقاء ثم يحملك تحاياه له ، ما كان لسانه ينطق بغير الخير وكثيرا ما يعتزل حين اللجاج فلا تراه خائضا في وحل التلاحح والخصام ، كانت كل المصاعب عنده مذللة فما كان ايسر عنده من تهوين الشدائد ، و ما كان اهون عنده من تطييب الخواطر والنفوس … ما دخلت بيت الرجل في يوم الايام او لحظة من اللحظات إلا و وجدته عند الباب هاشا باشا فرحا ، واشهد الله انني ما ولجت من بابه ساعة من زمان إلا و وجدت مائدته ممدودة وقراه مبذولا فقد كان بيته بيت السودان و كان هو واسرته خدما لأهل السودان من كل جنس و عرق ومشرب ، لم يكن الرجل الكريم يانف ابدا من يخدمك بنفسه ، يقرب اليك الطعام والشراب يقدمه لك في مكانك ، ويقسم عليك ثم يهرول الي الداخل يستزيدك فرحا و ندي ،، داعبته يوما وقد كانت تؤامه د. ست البنات خارج المنزل : (يا دكتور نحن عايزين نعرس ليك عشان إنت مزحوم بالضيوف والدكتورة مشغولة ..) فرد علي بصوته المتهدج وبلكنة اهل دنقلا الودودة : ( نان هي مشغولة بي منو .. ؟ ما بينا نحن ذاااتنا .. ) .. يا لوفاء الرجل و بره وسماحة خلقه و نبله ….
يوم رحيله لم اندهش ابدا والرجال ينتحبون كالاطفال علي فقده ، لم استغرب ابدا وقد حدثوني عن وقار التشييع رغم ان الالاف لم يسعفهم الوقت للحضور ، كما لم يدهشني فيضان الناس علي عتبات بيت السودان يعزي بعضهم بعضا في الفقد الكبير فقد رحل اباهم الروحي و عمود جاليتهم الضخمة الموجوعة ،
الدكتور حسين محمد عثمان كان مؤسسة اجتماعية بحالها ، وكان صاحب اسلوب شديد اللطف في التصدي لقضايا الجالية الكبيرة ، اسلوب يقوم علي الوسطية و إلتماس العذر للطرف الآخر والاستعداد للتنازل والتضحية … رحل ابا حسام والبلد والجالية في مسيس الحاجة لوجوده وجهوده لكنها ارادة الله و قدره المحتوم …
اللهم تقبله عندك في عليين، واغفر له و ارحمه ، و أغفر
لنا وارحمنا إذا صرنا إلي ما صار إليه، وصل اللهم وسلم علي سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى