أخر الأخبار

اخطر الافادات من ناجين من عملية اختطاف وإخفاء قسري وأوضاع المختطفين داخل معتقلات المليشيا

نقلا عن مجلة الحقيقة

– عدد”350″ معتقل في جملون مسقوف بالزنك.
– لاتوجد أي مياه بالمعتقل ورائح الاوساخ والقازورات تزكم الانوف.
– في الطابق العلوي سمعت اصوات امرأة تتعرض للتعذيب تدعي “شموس” .
– هنالك ضابط مخابرات تم اختطافه من منزله بالمعمورة يدعي”م”.
– عدد من ضباط الجيش والشرطة بالمعاش والخدمة تم اختطافهم من السكن الخاص بهم.
– تتزايد اعداء النساء المختطفات بالمبني المجاور.

*التفاصيل*
بتاريخ 2 مايو 2023 و أثناء بحثي عن العلاجات التي قررها الطبيب لوالدي- متعه الله بدوام الصحة و العافية – بعد ان قمت باسعافه الي مستشفي الفؤاد بالصحافة.. حيث المت به وعكة في اواخر رمضان ولم اتمكن من الوصول اليه طوال تلك الفترة لظروف الحرب الا في ذاك اليوم بعد معاناة للوصول اليه.. بعد اعادة الوالد الي البيت واثناء بحثي عن العلاجات المقررة له.. تم توقيفي من قبل رجلين من مليشيا الدعم السريع المنحلة بشارع كنار و هي منطقة مكتظة بأفراد قوات المليشيا المنحلة لأنهم يتخذون من دار المؤتمر الوطني ومقر الدفاع الشعبي سابقا مقراً لهم ومن ثم طلب مني إثبات الهُوية (البطاقة الشخصية) ولم اكن أحملها معي وذكرت لهم بأني مواطن قال لي أنك عسكري و فرد من الإستخبارات العسكرية التي تتبع للقوات المسلحة و أنك تنتحل صفة مواطن حاججته كثيراً بأني مواطن ليس إلاّ لكنه لم يقتنع بذلك بعدها استدعي بعض زملائه فجاءوا و قالوا لي بدون أي مقدمات أنت كوز و أنت و ناس دولة٥٦ وأنتم … و كثير من الكلام لا فائدة منه و اخذوني تحت تهديد السلاح الي ارتكاز اكبر قرب كلية النهضة وهنا بدات اقسي عمليات التعذيب تقييدا للارجل والايدي وضربا مبرحا بالخراطيش واعقاب البنادق (الدبشك) ويطلبون مني ايقاف وتفكيك جهاز الاتصال بالطيران الذي يدعون من السيارة.. واجروا تفتيشا دقيقا للسيارة اسفر عن حصولهم غلي بطاقتي القومية التي كنت قد فقدتها قبل ايام وبعد الاطلاع علي بياناتها التي تثبت باني دبلوماسي اصروا علي تاكيد زعمهم باني ضابط استخبارات (واعتبروا ان الدبلوماسي عسكري).
بعدها تم ترحيلي بسيارتي ويقودها احدهم الي مبني جنوب مبني المؤتمر الوطني جنوبي المستشفي الكويتي وهنا التقيت احد القادة الصغار ولم يكن في وضع نفسي طبيعي وامر بتفتيشي شخصيا وخلعوا الساعة من يدي ووضعت بين ارجلي المقيدتين وافرغوا فيها ذخيرة كلاش ادت الي اصابة قدماي ببعض الرايش ووجه اربع عساكر اسلحتهم علي رأسي وشرعوا في قتلي بطلب من احد الجند الذي كان يقول لهم اقتلوه هذا ضابط استخبارات ومن دولة ٥٦.. بعدها تمت احالتي الي قائدين بدرجة اغلي حيث قاما بتفحص جهاز الهاتف الخاص بي وعثروا علي بعض الاسماء التي اعتبروها تاكيدا لزعمهم.. وهنا بدات عملية مساومة بين مساعدتهم في القبض علي بعض القيادات العسكرية والرموز السياسية او ان يتم حبسي وبالفعل قرروا حبسي وامرا بأحالتي.. لكن الي اين لم اكن ادري وقتها.. عندها تم تعصيب اعيني وقذفوا بي في صندق تاتشر بين صناديق الذخيرة واشرطة المدفع حتي وصلنا الي مقر الاخفاء الذي اتضح لاحقا بأنه معسكر هيئة العمليات سابقا جنوب شرق المطار.. وهنا تم استجوابي من قبل ضابط استخبارات المليشيا وبعض ضباط اخرين.. حاولت جاهدا ان اثبت لهم مهنتي الدبلوماسية كسفير بالخارجية ووجهوا لي لسئلة عن دور ومهام وزارة الخارجية وهيكلها في محاولة للتأكد من ادعائي وهو ما لم يجد تصديقا لديهم .كان مكان الاستجواب يعج بالمختطفين الذين تعرضوا ويتعرضون للضرب المبرح لدرجة ان لا تستطيع تمييز بعضهم من الدماء التي تغطي وجوههم.. وهو عبارة عن مكاتب وجملون من الزنك وبجانبه عددا من المدافع المضادة للطيران كانت تقذف قذائفها بصورة كثيفة ومخيفة.. كلما مر الطيران من فوقنا وعلمت عن طريق الصدفة ان اخد الجنود الذين يعملون علي هذه المضادات قد قتل في قصف جوي في اليوم السابق..
تم استلام وتدوين كاافة اماناتي وحفظها..
تم اخذي الي عنبر الاعتقال بعد المغرب الذي يقع في الناحية الشمالية للمعسكر وهو عبارة عن جملون مسقوف من الزنك وبه عدد من الحجرات..وحال بين دخولي الي المعتقل وفاة احد الاخوة المختطفين بما اضطرهم لاجلاسي ارضا امام بوابة الدخول الي حين اخراج جثمان المتوفي الذي وضعوه بجانبي وقام احد المتطوعون من المختطفين بوضع شئ من القطن علي اذنيه وانفه وساد المعتقل تكبيرات ودعوات المختطفين بما شكل ازعاجا للحراس الذين حاولوا اغادة الهدوء بالسلاح.. كما يوجد معتقل اخر في ذات المعسكر عبارة عن قاعة اجتماعات بلغ عدد المعتقلين في كل منهما حوالي ٣٥٠ مختطفا.

حينما وطأت قدماي داخل المعتقل لم اكن اري شيئا من شدة الظلام أُناس كثيرين صدورهم عارية لا يرتدون إلاّ ما يغطي عورتهم المغلظة! ودرجة الحرارة داخل المعتقل عالية جداً اغلبهم يمسك بيده قطعة كرتون (هبابه) يحرك بها الهواء الساخن الموجود… بدأت أشاقق وأتخطى واتحسس أجسام وأرجل من يفترشون الأرض المعتقل طويل لم أجد مكان أقف فيه دعك من أجلس وما كان الا ان جلست في مساحة تكفي فقط للجلوس..
حاول من حولي احسان إستقبالي مفسحين لي مساحة بجوارهم بعدها أصبح جسمي يتصبب عرقاً وبدأت أشعر بشدة الحرارة وضيق المكان ، رائحة المعتقل قذرة جدا تختلط فيها روائح الفضلات البشرية بعرق المختطفين، خلعت جلبابي و أكرمني أحد الإخوة بهبابة وما هي إلا لحظات ورفع النداء لصلاة الفجر، ذهبت إلى الحمامات استعدادا للصلاة فوجدت القاذورات تطفح ورائحتها تزكم الأنوف. لم أجد ماءا فالكل هنا يتيمم للصلاة في داخل المعتقل ويجمعون الصلوات و ويقصرنها..
بعد ان صلينا الصبح في جماعة ورفعت الدعوات الجماعية بالخلاص من هذه المحنة… ومع شروق الشمس ودخول ضوئها إلى الداخل بدأت أتعرف على المعتقلين و صنوفهم واسباب اعتقالهم… واول من تعرفت عليهم كان قاضيا بمحكمة الاستئناف تم اختطافه يوم العيد من صف العيش بشرق النيل وآخر ضابطا بالمعاش بجهاز المخابرات تم اختطافه من بيته بالخرطوم 2 وصيدلي ترك زوجته الحامل تنزف ونزل لاحضار بعض الاسعافات لها بعد ان أغلقها في شقته بالمجاهدين ليتم اختطافه في رحلة البحث عن اسعافات لها.. أعدادا كبيرة من أفراد جهاز المخابرات العامة تم أسرهم في ذات يوم إندلاع الحرب و معهم مجموعة من الإستخبارات العسكرية وعدد كبير من جنود ضباط صف القوات المسلحة تم أسرهم وبعض جنود الاحتياطي المركزي بينهم جرحى وقلة من جنود شرطة البعثات الدبلوماسية.. وعدد كبير جدا من المواطنين المدنيين من مرشح سابق لرئاسة الجمهورية وميكانيكيين وتجار مخدرات وفاقدي العقل.. بما يؤكد عشوائية الاختطاف..
وعن وجبات الاكل فيتم تقديم وجبتين وهي عبارة عن عصيدة غير كاملة الإستواء(كوجة) مع موية عدس ماسخ يجلس المعتقلون في مجموعات ويخرج من كل مجموعة مندوب يأتي بصحن الطعام أما الماء فيتم تعبئة برميل مع كل وجبة تنفد بعد الوجبة مباشرة..
من خلال جولتي داخل المعتقل وجدت من بين المختطفين من مكث أكثر من اسبوعين.. كما يوجد معتقلون من دول أجنبية.

لم يجد المرضى والمصابين والجرحى الرعاية الطبية اللائقة ويعمل بعض المتطوعون من المختطفين من من ينتمون الي الحقل الطبي علي التعاون مع الوحدة الطبية لتوفير الأدوية من خارج المقر من ما يتم نهبه من بعض الصيدليات.. ولما كنت احتاج الي علاجات مستمرة.. عمل هؤلاء علي توفير البعض اليسير لي.. الا ان حرارة الجو وضعف الاكسجين داخل المكان اضطراني للمطالبة المتكررة بايجاد مخرج لي مع توفير الادوية الاساسية التي احتاجها بعد تدهور حالتي الصحية.. الي ان تم استدعائي بعد اسبوع من قبل ضابط المعسكر واخراجي من المكان بدعوي انهم سيحيلوني الي مكان اخر يتناسب وحالتي الصحية..
بالفعل تم اخذي بسيارة بعد تعصيب العيون.. الي مكان لا يبعد كثيرا عن معسكر هيئة العمليات وتم انزالي واقتيادي الي بدروم في معسكر جديد تم افتتاحه بي.. اتضح لاحقا انه بمبني الجامعة العربية المفتوحة بشارع عبيد ختم قبالة الادلة الجنائية…
بعد انزالي في غرفة ضيقة بالبدروم وفتح اعيني واغلاق الغرفة علي بعد ان احضر لي جندي قارورة متسخة بها ماء للشرب وجالون لقضاء الحاجة.. وجدت المكان مظلما ساخنا موحشا لا هواء ولا اكسجين ولا انيس سوي اصوات بعض الضببة وشخشخة العصافير بالخارج التي كنت احسدها علي حريتها.. لم اتمكن للوهلة الاولي من التغايش مع هذا الوضع وايقنت اني ساموت فطرقت الباب بشدة وجائني الحرس وشرحت له ما اعانيه من مرض وحالتي الصحية التي خرجت بسببها من هناك لاجد هذا المعتقل اسوأ وانكي من سابقه.. قال لي بكل برود لا تخاف في حالة موتك لدينا حفر جاهزة سندفنك فيها واغلق الباب.. ثم طرقته مرة ثانية وطلبت منه ان يقتلني بسلاحه خير لي من ان اموت مختنقا واجبني ببرود عندما تاتيني التعليمات سأفعل.. عندها سلمت امري لله تعالي..
في المساء كنت اسمع صوت انثي بصالة البدروم تتحدث مع الجند لم اتمكن من تمييز حديثها سوي اسمها(شموس) حيث كان يناديها احدهم باسمها.. ليتضح لي لاحقا انها مختطفة وتدافع عن نفسها.. في اليوم التالي اختفي صوتها وجيئ بشخصين لمحتهما اثناء فتح باب غرفتي ليناولني الحرس شئ من الاكل.. فبدت عليهما اثار التعذيب واضحة ووضعا في الغرفة المجاورة لي وكنت اسمع انينهما طوال الليل..
بدأ البدروم يستقبل اغدادا متزايدة من المختطفين علي راس كل ساعة حتي ضاق المكان رغم رحابته بهم.. حينها تم تحويل احد من كانوا في الغرفة المجاورة الي غرفتي ليتضح انه ضابط بجهاز المخابرات تم اختطافه من منزله بالمعمورة (م. ا) وكان الجند يدعونه بالبعشوم.. حكي لي انه تعرض الي التعذيب لاجباره علي ارشادهم الي قيادات.. واخذ العدد في تزايد بالصالة وبغرفتنا التي احضرو اليها مزيدا من ضباط الجيش(بالخدمة والمعاش) والمخابرات والاقتصادي والشرطة واصبحوا يطلقون عليها غرفة الضباط..
ساء وضعي الصحي وتم اسعافي مرتان مما اضطرهم الي نقلي وضابط جيش بالمعاش الي الطابق الارضي الذي قضينا به يوما ثم احالونا الي الطابق الثالث الذي خصص للضباط حيث تم اختطاف عددا منهم من مساكنهم في الصحافة شرق ومن المجمع السكني لضباط الشرطة بأبوحمامة وبالمايقوما والحاج يوسف وبعضهم من المواصلات وقليل منهم تم اسرهم خلال الاشتباكات (الدفاع الجوي ش٦١والاستراتيجية..) .. كانت غرفنا تطل علي ش عبيد ختم وكانت تاتي بعض القذائف جراء القصف المتبادل علي زجاج النوافذ..
وجودنا بهذا الطابق مكننا من متابعة ومشاهدة ما يدور من حولنا ورصد كافة المختطفين الجدد الذين يأتون بهم الي المعتقل والتعذيب والاهانة التي يتعرضون لها حيث يتم انزالهم في الشارع معصوبي الاعين ومكلبشين ويزحفون علي الارض تحت وابل من السياط ومؤخرات السلاح علي اجسادهم لتسيل منهم الدماء متدفقة لا يفرقون بين كبير وصغير..
وكذلك كنا نشاهد مختطفات من العنصر النسائي ياتون بهن ويتم ادخالهن في المبني المجاور..
تم الإفراج عني بعد مضي شهرا بهذا المعسكر بسبب وعكة صحية ألمت بي وكادت أن تؤدي بحياتي.. فضلا عن التحقيقات والتحريات والمقابلات التي تمت مع قيادات التمرد والتي اثبتت عدم صحة ما نسبوه لي من اتهام باني فريق في الجيش.. من بعد رعاية وعناية الله سبحانه وتعالى ولطفه.

خلاصات وملاحظات حول سلوك المليشيا لمعرفة أسباب تمردها وخوضها هذه الحرب…

لقد ثبت لنا من خلال معايشة هذه المليشيا الارهابية وسلوكهم وممارساتهم في مناطق اخري بدارفور انها تمارس في حربها ضد الدولة أبشع عمليات التطهير العرقي والإبادة الجماعية والتهجير القسري ، ضد قبائل الزرقة – السود – المساليت ، والإرنقا في غرب دارفور خاصة ، وكل من ينتسب إلى العنصر النوبي أو الزنجي عرقا ودما ولونا لإستأصالهم من أرضهم ومحو آثار أسلافهم.. فقد مارسوا كل ذلك في أقليم دارفور عامة.. ذلك فضلا عن قتالهم بهدف
إستئصال وإزاحة (الجلابة) وأبناء الشريط النيلي من أقصاه إلى أقصاه ، بجميع مكوناتهم القبلية.. وقد وضح ذلك جليا من خلال التحريات التي يجرونها مع المختطفين ويااا ويلك ان اكتشفوا انك جعلي او شايقي او دنقلاوي.. لذلك كنا ندعي النوبية رغم ما تحمله المليشيا من عدوانية تجاههم الا انها اخف حقدا.
تجمع المليشيا بكل عناصرها جندا وقيادات علي اعلان حربها علي ما تسميه بدولة 1956 وهذا هو شعار اساسي لديهم.
وهو ما يبرر تدميرهم لدور ومقتنيات المعرفة والعلوم والوثائق والمتاحف.. فضلا عن استهدافهم لعدد من الرموز التاريخية والوطنية..
فلم تكن مسألة إسقاط البرهان والبحث عن الديمقراطية ومدنية الدولة هدفا حقيقيا بالنسبة لهم..
فتلك الشعارات لا تتحقق بتلك المذابح في دارفور ونفي وإقصاء كل أهل السودان واغتصاب الحرائر واختطاف المدنيين ونهب مساكن المواطنين وتدمير الاعيان المدنية من مستشفيات وجامعات وسجلات مدنية (اراضي.. سجل مدني.. قضاء.. الخ؟
لم يشهد تاريخ السودان القديم ولا الحديث مثل هذا التمرد والحرب علي الدولة..
كل هذا يؤكد بما لا يدع مجالا للشك ان هذه المليشيا ما هي الا ظهير لمشروع فكري ثقافي بديل يحمل معتقدا وتصورات تهدف أولا للخلاص من الشخصية الثقافية السودانية ، ومحو ملامح سودانويته . وفق مخطط اقليمي للاستفراد بخيرات وثروات البلاد .
هذه الجرائم المرتكبة بواسطة المليشيا الارهابية ضد الشعب السوداني ودولته وما تحظي به من تدخلات لعصابات عابرة للحدود ودعم اقليمي يبرر دعوة الرئيس البرهان للمجتمع الدولي لتصنيف هذه المليشيا بالارهابية.

*السفير / كمال علي عثمان*
22سبتمبر2023م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى