أخر الأخبار

وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم (2 – 3)

بقلم : الباحث الأكاديمي
الدكتور / طاهر موسى الحسن
Tahermusa2010@yahoo.com

بسم الله الرحمن الرحيم
وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم
(2-3)
مواصلة للحلقة السابقة عن عملية الأقصى التي إستعصت على فهم البعض، لإستحالة تقبل الكيفية التي تمت بها، وما تسببت فيه من زعزعة لقناعات الكثيرين في مقولة (الدولة التي لا تقهر) كمقولة إرتبطت باسم دولة الكيان الصهيوني، ولا تزال حواجب الدهشة ترتفع لدى الكثير من المتابعين للشأن السياسي ، وأصحاب الخيال الواسع الذين يلجأون لنظرية المؤامرة، علهم يجدون فيها تفسيراً لما جرى من هجوم ذكي وسريع، أربك دولة الكيان الصهيوني بكل أجهزتها وأفقدها التوازن .
فمن هؤلاء من قال إن ما حدث كان مسرحية مدبرة من إسرائيل، حتى تجد مبرراً لتدمير غزة بالكامل، وتهجير الفلسطينين (الغزاويين) لوطن بديل، يكون في منطقة سيناء المصرية، وزاد بقوله إن هناك إعداد مسبق لذلك ببناء مدينة رفح الجديدة منذ العام 2013م، [بطول واحد كلم وبعرض واحد ونصف كلم مربع]، بعد تجريف أهل سيناء لتهيئتها لإستقبالهم، وفق إتفاق مسبق مع مصر عبر وسيط دولي مقابل حذف ديون مصر الخارجية .
ومن المؤكد أن هذا القول يبرر القصف الجوي البربري الذي تمارسه قوات الإحتلال والمجازر الوحشية التي يواجهها سكان غزة المحاصرون منذ يوم السبت 7 أكتوبر ، إستخدمت إسرائيل سلاح التجويع وقطع الإمداد الكهربائي والماء والدواء والمواد الطبية، من قطاع غزة بالكامل، في جريمة حرب حسب ما ورد في إتفاقية جنيف الرابعة بشأن المدنيين الصادرة في العام 1949م والتي تعتبر المادة (33) فيها أن ما تقوم به إسرائيل جريمة حرب كاملة، ورئيس وزرائها يصف الفلسطينيين بالحيوانات – علما بأن 80% من سكان غزة يعتمدون على المساعدات الدورية من غذاء ونقد يقدم عبر منظمة الأمم المتحدة بفلسطين (الأونروا) مع قلته، مما يدل على ضعف إستراتيجية الجيش الإسرائيلي، الذي يأمل أن يكون فك الحصار والسماح بالمعونات الغذائية عاملاً مشجعاً لإطلاق سراح الأسرى، (الغذاء والدواء مقابل الأسرى)، ولا يعقل أن تفاوض المقاومة حول الأسرى وهي تحت القصف الجوي الهمجي، كما تقول قيادات حماس. الإفراج عن الأسرى مقابل السماح بدخول الطعام والدواء للمدنيين لا يكون إلا عبر عملية سياسية متكاملة، تكون عبر وسطاء لهم تأثير على الطرفين، وحل المشكلة من جذورها. وينسى جيش الكيان الصهيوني أن شعب (الجبارين) الذي عاش كل تلك السنوات تحت الحصار، وإستطاع تطوير منظومته الدفاعية التي أعجزت قوات الإحتلال، أن يرضخ لمثل هذا الإبتزاز السياسي .
فقد تغيرت قواعد اللعبة للمرة الأولى في المواجهة بإنتقال المعركة من غزة المحاصرة إلى خلف الجدار العازل والمستوطنات التي ظنت أنها آمنة ومحمية، فجيش الإحتلال مهزوم بالمفهوم العسكري، لا يتميز بأي كفاءة لعدم قدرته على التقدم البري الذي يلوح به، وما زال يعتمد على القصف الجوي بالطائرات والصواريخ من البر والبحر والجو. والشارع الإسرائيلي لن يغفر لحكومته الفشل الذريع لأجهزة إستخباراته.
طلب جيش الكيان الصهيوني المساعدة الأمريكية التي لم تتأخر كثيراً حيث وصلت حاملة الطائرات الأمريكية، بعد محاولات الصهاينة جر حزب الله اللبناني وإيران وأي دولة للصراع لإيجاد ذريعة للتدخل الأمريكي.
كتائب القسام قامت بتأكيد المؤكد قرانياً وتاريخياً وعملياً وعلمياً، بأن الفئة القليلة كثيراً ما تغلب الفئة الكثيرة، وإن النصر من عند الله وحده. ميزت عملية (طوفان الأقصى) مواقف المهرولين للتطبيع مع إسرائيل لحماية عروشهم، ومواقف الشرفاء الذين وقفوا كالطود الشامخ ضده، وكانوا خير من يمثل الصمود في زمن الإنكسار والهزائم المتتالية. وينسى من يبتغي العزة في دويلة البغي والعدوان أنها دولة مففكة من الداخل ولا عمق لها، وكل سكانها يحملون جوازات سفر من بلدانهم الأصلية، وأنهم على إستعداد دائم لمغادرتها متى ما فقدوا الأمن فيها وأصبحت حياتهم في خطر. وصدق المولى عز وجل القائل في محكم تنزيله :(لا يقاتلونكم جميعاَ إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لايعقلون)… صدق الله العظيم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى