الدعم السريع بين الإفراط والتفريط (2 – 4)

بقلم : الباحث الأكاديمي
الدكتور / طاهر موسى الحسن
Tahermusa2010@yahoo.com

كما ذكرنا في الحلقة الأولي ، إن قوات الدعم السريع ورثت كل مقار وآليات وسلاح قوات هيئة العمليات التابعة لجهاز الأمن والمخابرات الوطني ، وهي قوات ذات مهام قتالية ساهمت في عمليات حفظ الأمن الداخلي إبان النظام السابق ، كما شارك منسوبوها في العمليات العسكرية ضد المتمردين والخارجين على القانون في جنوب السودان ودارفور وغيرها .

وقام رئيس مجلس السيادة بتسريحها بعد إتهامها بالتمرد وتجريدها من سلاحها وتحويل المؤسسة الأمنية كاملة إلى جهاز لجمع المعلومات الإستخبارية فقط، وتسميته بجهاز المخابرات العامة. قامت قوات الدعم السريع بتأهيل معسكرات الهئية التي إستولت عليها بوضع اليد، وهي معسكرات تم توزيعها بشكل يمكنها من السيطرة على العاصمة في وقت وجيز، كمعسكرات طيبة وسوبا والرياض (وسط وجنوب الخرطوم) ومعسكرات الجيلي وكافوري (بمدينة بحري)، ومعسكرات جبل سوركاب وصالحة (شمال وجنوب أم درمان)، ومعسكرات الجريف شرق وحي النصر (بشرق النيل)، تحت مرأى ومسمع القوات المسلحة، وأقامت بها عدد من الطوابق الحصينة تحت الأرض لتخزين السلاح والذخيرة (ما لا يقل عن عشرة ملايين طلقة من مختلف أنواع الذخائر)، فضلاً عن تخزين ملايين الوجبات الجاهزة – المصنعة في دولة الإمارات – التي تستخدمها جيوش الدول الكبرى.
3/ إستأجرت قوات الدعم السريع منشآت ومباني مدنية كالمدنية الرياضية، وأرض المعسكرات في سوبا وظلت تحشد فيها قواتها العسكرية المقاتلة بكل عتادها وآلياتها قبيل إندلاع الحرب بأيام قليلة. كما قامت بنشر آلاف الجنود المقاتلين في مزارع مملوكة لقائدها في أمدرمان وبحري وشرق النيل وجبل أولياء، ولم يك ذلك خافياً على الإستخبارات العسكرية وجهاز المخابرات العامة.
4/ إمتلكت قوات دقلو شبكات ونظام إتصالات حديثة، وشبكات بديلة موزعة بعناية في كافة أنحاء العاصمة وبعض المواقع في دارفور، فضلاً عن نظام للتشويش على مختلف شبكات الإتصالات والرادارات ، كما إنها إمتلكت نظام تجسس إسرائيلي قادر على إختراق كل شبكات الإتصالات وكل أنواع الهواتف.
5/ إستعانت القوات المتمردة بشركة (فاغنر) الروسية وخبراء أجانب لمساعدتها في التخطيط والتدريب وبتمويل من دولة أجنبية ظلت تقدم دعمها بكل سخاء ، كما سعت لتأسيس سلاح طيران ووحدة طيران مسير خاصة بها، تحت سمع وبصر القوات التي خرجت من رحمها في محاولة مكشوفة بأن تحوز على سلاح موازي لها وبالتالي تتكافأ معها في قوة التسليح .
6/ إستقطب قائد الدعم السريع زعماء القبائل والعشائر وأجزل لهم العطاء والمنح وملٌك أغلبهم سيارات (بكاسي) ومنحهم مئات المليارات من الجنيهات، كما نسق مع بعض القوى السياسية مثل قوى إعلان الحرية والتغيير – المجلس المركزي – وبذل لها الأموال مقابل أن تمثل له حاضنة سياسية وأن تتبنى رؤيته بأن تتبع قواته للرئيس المدني وأن يتم دمجها في القوات المسلحة بعد عشرة أعوام، فضلاً عن شراء سكوتها عن جريمة فض إعتصام القيادة العامة الذي قامت به قواته والملاحقات الجنائية في المسقبل .
7/ ظل قائد الدعم السريع على الدوام يهدد سكان الخرطوم بأن يحيل (عماراتها) إلى خرابة تسكنها (القطط) وأصبحت كلماته في هذا الإطار تتداول على ألسن الناس مثل مطر بدون براق / والتمطر حصو / منو الأكتر مننا / والشلاقي ما خلى عميان / والذخيرة توري وشها / ودييك النقعة / كما تطاول أخوه عبد الرحيم على سكان الخرطوم ووصفها بأنها بلا أسياد (حقت أبو منو)، وفي إنتهازية بغيضة طالب القوات المسلحة تسليم السلطة للمدنيين (بدون لف أو دوران ..!)، ومنح نفسه وقواته سلطة وشرعية لم تمنحها له حتى الوثيقة الدستورية، علماً بأن الفريق عبد الرحيم دقلو لا يتمتع بإي منصب دستوري .
8/ سعى قائد المليشيا لتكوين حاضنة إجتماعية قبلية قوامها قبائل عرب دارفور من الرزيقات والمسيرية والبني هلبا وإمتداداتها (عرب الشتات) في دول غرب أفريقيا جنوب الصحراء، كتشاد ومالي وإفريقيا الوسطى والنيجر ونيجيريا، في إصطفاف قبلي لإقامة دولة (العطاوة) التي ظل ينادي بها سراً، على أنقاض دولة السودان المعروف بوضعه الحالي والتي وصفها بدولة (56) ويقصد بها الدولة التي قامت بعد إستقلال السودان في العام 1956م والتي يقولون أن كل حكامها من الشريط النيلي ويقصدون بذلك سكان الإقليم الشمالي، ويسعون لإحلال مكونات القبائل الدافورية العربية محلها بعد إبادة حكام دولة (56) أوتهجيرهم، وهو أمر إعتبره بعض أعيان قبيلة الرزيقات مؤامرة لإبادة أفراد القبيلة وإضعافها بتزيين أمر الإستيلاء على السلطة بالقوة المسلحة عبر قوات دقلو، كما صرح بعض عمد وأعيان قبائل الرزيقات والمسيرية ( الأستاذ أحمد الصالح صلوحة المسيري، والأستاذ محمد علي ماكن الرزيقي نموذجاً)، الذين إتهموا قوى الحرية والتغيير باستدراجه لهذا الفخ باستسهال إمكانية إستلام السلطة في الخرطوم، وبالتالي فقدان القبيلة لمكاسبها الإقتصادية والسياسية والإجتماعية، وما تحقق لها من وضعية جيدة في القوات النظامية، حيث يشغلون مناصب ورتب عليا، فضلاً عن المناصب الوزارية الإتحادية والولائية حتى أصبحت قبل 15 ابريل 2023م من أكبر القبائل التي يتلقى أبنائها مرتبات من وزارة المالية الإتحادية، كما أن عائلة دقلو أصبحت شبه مالكة، وهذا ما لم تحصل عليه القبيلة قط طوال تاريخها.
9/ في صبيحة يوم التمرد صرح الفريق أول محمد حمدان (حميدتي) في لقاء على الهواء مباشرة مع قناة الجزيرة الفضائية بأن سبب الحرب هو رفض البرهان للإتفاق الإطاري وإنه لا مشكلة له مع البرهان والقوات المسلحة قبل الإتفاق الإطاري، وأن قوى إعلان الحرية والتغيير المجلس المركزي تدعمه وتقف معه في ذلك، وقال إنه سيعتقل البرهان الذي يختبي داخل (بدروم) بالقيادة العامة ويسلمه للعدالة ومحاكمته ، ولكنه تفاجأ بضرب معسكراته بالطيران الحربي للقوات المسلحة، وفقدانه لها معسكراً تلو الآخر، ومقتل ما لا يقل عن 4800 من منسوبيه منذ الضربة الأولى [حسب إفاداته على الهواء مباشرة] كانوا في طريقهم إلى جدة للإنضمام للقوات المشاركة في حرب عاصفة الحزم في اليمن التي تقودها المملكة العربية السعودية، فضلاً عن إنحياز كل ضباط القوات النظامية المنتدبين في صفوف قواته (480) ضابط رجعوا إلى مواقعهم السابقة في تلكم القوات النظامية ما عدا ثلاثة أو أربعة منهم استمروا مع التمرد بدوافع قبلية (حسب تصريح حميدتي علي الهواء مباشرة) .
10/ عقدت المليشيا المتمردة إتفاقيات سرية مع الحركة الشعبية شمال (المتمردة) التي يقودها عبد العزيز الحلو في جبال النوبة / جنوب كردفان بشن عمليات عسكرية لتشتيت إنتباه القوات المسلحة بشد الأطراف الجنوبية وتوسيع دائرة الحرب، وبالفعل استغل الحلو ذلك وشن عدد من الهجمات على مناطق سيطرة الجيش السوداني. كما عقدت المليشيا عدة إتفاقات مع بعض قبائل دارفور بغرض تحييدها مثل قبائل الزغاوة والفور وغيرها والتي إلتزمت الحياد حتى اليوم.
نواصل في الحلقة الثالثة غدا ..

Exit mobile version