
تمثل رواية اللص والكلاب التي كتبها الأديب نجيب محفوظ من أشهر الروايات التي ظهرت وتربعت في قمة مميزة منذ ظهورها في العام 1961م وحتى اليوم وهي مثلت النقلة النوعية للكاتب الكبير في الانتقال من النمط الروائي التقليدي إلى الفلسفة الذهنية التي ناقشت لنا أفكار مختلفة مثل الموت والعبث ومعنى الوجود وبحث البطل عن الحق العدل الضائع وهي من أشهر الروايات التي أتت بعد الثلاثية…. مثل نجيب محفوظ المدرسة الروائية المصرية العتيقة وأعاد في كتاباته تخليد الحداثة بالأصالة والتاريخ وقدم وصف مدهش لمصر القديمة في كتاباته التي سوف تظل إلى أمد بعيد مثار دراسة وإعجاب عشاق الرواية التي لم تستطيع حتى الآن مسايرة مدرسة الأديب الراحل.
أحداث الرواية :
سعيد و صديقه القديم رؤوف علوان رئيس تحرير جريدة الزهراء قد أسهب في وصف جريمة سعيد، وتحدث عن تاريخه في اللصوصية والإجرام وعن جنونه وجرأته الإجرامية، مما زاد في حقد سعيد وتصميمه على قتل رؤوف.
ويدور حوار بين سعيد ونور يتخلّله نوع من الغزل، ويطلب منها إحضار قماش ليفصل منه بدلة ضابط بوليس فهو قد تعلم الخياطة في السجن. ارتدى سعيد بدلة ضابط البوليس برتبة صاغ، واستأجر قاربا قاصدا قصر رؤوف علوان ومصمما على قتله. وقد رصد سعيد عودة رؤوف وما أن نزل الأخير من السيارة حتى ناداه سعيد: «أنا سعيد خذ!» وأطلق عليه النار. ولكن تبادل حراس القصر النار مع سعيد قد أربكه، ولم يستطيع التصويب بدقة، وانتهى الموقف في ثوان. واتجه إلى القارب وأخذ يجذف هاربا ثم ركب تاكسي. وتحسس ساقه وعندما عاد إلى بيت نور وخلع ملابسه اكتشف أنه سار ساعة والرصاصة في ساقه. ويذهل سعيد وهو يجد في عناوين الصحف التي أحضرتها نور بأنه قتل للمرة الثانية رجلا لا ذنب له، هو حارس قصر رؤوف علوان وليس علوان نفسه. فينكفئ على نفسه يلومها. وتخيل أنه يقف وسط قفص الاتهام في المحكمة، وأنه يدلي بدفاعه وافادته، ويتراءى له أنه ليس هو القاتل، بل ان زوجته وعليش ورؤوف هم القاتلون، ويصر على أن ينتقم منهم في أحد الأيام.
ولما لم تعد نور في مساء أحد الأيام، وعندما طرقت صاحبة الشقة الباب تطلب إيجار الشقة، يهرب سعيد لاجئا إلى بيت الشيخ الجنيدي. لكن حواره مع الشيخ أشعره باليأس. ومن ثم خرج ليواجه مصير قبض رجال الشرطة عليه بعد معركة غير متكافئة.
رواية «اللص والكلاب» تقوم على خط الصراع الأساسي بين «اللص والكلاب» أو سعيد مهران والمجتمع. وهذا الخط يلعب دور العمود الفقري الذي يربط أجزاء الرواية منذ أول سطر إلي آخر سطر فيها، فلا يتكلف نجيب محفوظ مقدمات لتقديم شخصياته ولكنه يدفع بالقارئ فورا إلي الموقف الأساسي في الرواية ويمكن للقارئ أن يضع يده علي الخيط الأول وبذلك لا يحس بأنه يوجد هناك حاجز بينه وبين العمل الفني.
تصور رواية «اللص والكلاب» شخصية سعيد مهران بأنه لص خرج من السجن صيفا بعد أن قضى به أربعة أعوام غدرا لينتقم من الذين اغتنوا على حساب الآخرين، وزيفوا المبادئ، وداسوا على القيم الأصيلة لكي يجعل من الحياة معنى بدلا من العبثية ولا جدواها. وهكذا قرر أن ينتقم من هؤلاء الكلاب إلا أن محاولاته كانت كلها عابثة تصيب الأبرياء وينجو منها الأعداء مما زاد الطين بلة. فصارت الحياة عبثا بلا معنى ولا هدف، ولقي مصيره النهائي في نهاية الرواية بنوع من اللامبالاة وعدم الاكتراث ولم يعرف لنفسه وضعا ولا موضعا، ولا غاية وجاهد بكل قسوة ليسيطر على شيء ما ليبذل مقاومة أخيرة، ليظفر عبثا بذكرى مستعصية، وأخيرا لم يجد بدا من الاستسلام..
انتهى،،،،