كالعادة كانت حلقة برنامج حديث الناس بقناة النيل الازرق الإثنين 13 يونيو 2022 الذي تديره وتقدمه بإمتياز الزميلة النابهة نسرين النمر ، كانت حلقة مهمة يمكن البناء عليها لحل المشكلة السودانية ، إستضافت فيها الأستاذة نسرين البروف حيدر الصافي القيادي بالحرية والتغيير القوى الوطنية ، والخبير القانوني مولانا نبيل أديب رئيس لجنة فض اعتصام القيادة العامة ، ونورالدين صلاح الدين القيادي بحزب المؤتمر السوداني وكذلك الهادي عبدالله أبوضفاير القيادي بالجبهة الثورية وتجمع قوى تحرير السودان .
تابعت الحلقة بإهتمام شديد وبل تسمرت أمام الشاشة ليس كالمعتاد ، فالحلقة كانت مهمة ومفيدة وتنبع من خلال إفادات تلكم الشخصيات المهمة ضيوف الحلقة للوقوف علي ما يدور بالبلاد من عملية سياسية معقدة ، حاصرت الأستاذة نسرين ضيوفها بالأسئلة المحددة كما عودتنا وبل فأجاتهم بسيل من المعلومات (من بيت الكلاوي) غير قابلة للنفي ..!.
بلا شك نجحت الزميلة نسرين النمر التي تزاملنا معها بصحيفة الحياة السياسية (رد الله غربتها) ، نجحت في إنتزاع الإفادات من دواخل ضيوفها وبعضها جاءت منسابة سلسة تباعا أثرت النقاش وجعلت الحلقة ساخنة وثرة بالمعلومات ما كنا نجدها لولا إسلوبها السلس وطريقتها الجاذبة تلك ، ولذلك أعتقد ماخرجت به الحلقة من إجابات ومعلومات وافادات كانت مهمة يجب أن توثق في إطار البحث عن حلول للمشكلة السودانية المعقدة .
أكد البروف حيدر الصافي أن البلاد تعاني عجزا وربكة سياسية منذ قرارات 25 إكتوبر ، وقال أن كافة الخيارات محتملة ، ولكنه حذر بشدة من التعويل على الآلية ويرى فيها منقصة للسيادة السودانية وربما يوقع البلاد تحت مظلة الوصاية ، وأكد البروف الصافي أن الخلاف في الأصل بين المدنيين فقط ولم يكن المكون العسكري طرفا فيه وقال أن العساكر أكدوا جاهزيتهم أكثر من مرة لتسليم السلطة متي ما توافق المدنيين ، واتهم البروف الأحزاب السياسية بعدم الجدية وقصور الرؤية وقال إن بعضها لا تجيد إلا لغة أركان النقاش.
فيما توقع الخبير القانوني نبيل أديب نجاح الآلية الثلاثية في مهتمها ولكنه إستبعد أن يكون شاملا ، وإنتقد أديب السياسيين بشدة وقال أنهم لا يتعاملون مع الدستور بالفهم العميق مثلما حدث مع الوثيقة الدستورية ، مؤكدا أن كل فترات حكم السودان منذ الاستقلال شهدت انتهاكات دستورية من الحكام ووصف نبيل أديب الحالة السودانية الآن بغير الدستورية ، مؤكدا انه ضد استبعاد أي قوى سياسية عدا المؤتمر الوطني وطالب السلطة الحالية بتهيئة الأجواء للحوار ووقف العنف ضد المتظاهرين وفتح تحقيقات في الانتهاكات وجرائم القتل التي تمت كما طالب المتظاهرين في المقابل بالالتزام بالقانون واتباع السلمية التامة وعدم الاحتكاك مع القوات الأمنية .
بينما دافع نورالدين صلاح الدين القيادي بحزب المؤتمر السوداني بشدة عن القوى السياسية وقال إنها من أصحاب المصلحة الحقيقيين وفصيل مؤثر وقادر على التعبير عن غالبية الشعب السوداني ، وأكد نور الدين أن الحرية والتغيير (قحت) ليس لديها مشكلة في العملية السياسية التي تديرها الآلية الثلاثية وبل تتعاطى إيجابيا مع كل تحركات الآلية ، واتهم نورالدين العسكريين بحب السلطة وقال أن لديهم أشواق واضحة تؤكد ذلك ويستعين بمدنيين ، غير أن نور الدين عاد وقال الكرة الآن في ملعب الآلية والمكون العسكري .
من جانبه قال الهادي عبدالله أبوضفاير القيادي بالجبهة الثورية وتجمع قوى تحرير السودان أن البلاد تمر بأزمة مرحلة منذ الإستقلال في ظل فشل النخب السياسية في التأسيس لوطن للجميع وبناء نظام يخاطب أشواق الشعب السوداني ، مطالبا الجميع بتقديم تنازلات لأجل مصلحة الوطن ، مؤكد أن البون شاسعا بين القوي المدنية فيما بينها وبل أبعد ما يكون بين العسكرين والمدنيين ، وقال أن الأحزاب والقوى السياسية تكونت وفق مرجعيات فيها خلل كبير ، ولكن لابد من الحوار وإن يكون سودانيا سودانيا مستشهدا بالمثل البسيط الدارفوري (البمشي بجيب حطب من برا بجيب معا دبيب للبيت ..!) .
غير أن النقاش إحتد بين البروف حيدر الصافي ونور الدين بسبب إنتقاد البروف لرفاقه في الحرية والتغيير (قحت) بسبب (اللاءات الثلاثة) وجلوسها مع العسكر بوساطة أمريكية وسعودية ورفضها الجلوس مع الآخرين بطاولة الآلية الثلاثية ، دافع نور الدين بشدة عن خطوات (قحت) ، غير أن الخبرة والحنكة السياسية قد تغلبت بلاشك وجعلت العملية بالاقرب إلي ركن نقاش .
علي كل كشفت الحلقة عن معلومات مهمة فيها المثير والمدهش والخطير، تؤكد أن البلاد كانت مكشوفة أمام المخابرات الإقليمية والدولية وكانت تدار قبيل سقوط النظام السابق عبر سياسة الهبوط الناعم والتي كان يقودها مهندسها الفريق صلاح قوش المدير العام لجهاز الأمن ، وكشفت الحلقة عن خيط يربط بعض السياسيين وقيادات الأحزاب بعملية الهبوط الناعم ، وبل أكدت بل وضوح أن قوش كان يقود هذا الدور وحلقة الوصل بين هؤلاء والمخابرات الأمريكية مثلما ذهبت سوزان رايس المسؤولة الأمريكية في كتابها (تف لف) .
وبل كشفت الحلقة عمليات الإحتطاب تلك والتي كانت تتم تحت الطاولة ليلا للنيل من البلاد ، وأكدت أن للمعارضة السودانية وقتها مكونات (قحت) علاقة مع المخابرات الامريكية (CIA) لتنفيذ الأجندة ، ولذلك إختلقت الإتهامات التي ساعدت لفرض عقوبات دبلوماسية وإقتصادية وحظر السودان وفصل الجنوب ، وقالت سوزان رايس في كتابها المذكور ، إنها أشرفت على السياسة الأميركية تلك لإسقاط حكومة البشير في السودان بنفسها لأجل مصالح بلادها ، وأكدت إنها إستعانت بكثر من العملاء والجواسيس في الداخل والخارج ومكنت عملاءها في المعارضة من الوصول لسدة الحكم في السودان وهذا ما كشفه البروف حيدر الصافي لأول مرة أن أحد قيادات الأحزاب التي ملأت البلاد زعيقا كان يؤخذ من السجن للتفاوض مع رئيس جهاز الأمن صلاح قوش دون الآخرين .
الرادار .. 15 يونيو 2022 .