الأمير احمد سعد عمر يكتب : في الذكرى الـ 39 للشریف حسین الهندي

الخرطوم : الحاكم نيوز
في التاسع من ینایر عام 1982 م، ترَجل الفارس عن صهوة جواده واستشهد الشریف حسین الهندي بفندق “خالیكزا” في مدینة أثینا
بالیونان قادما من بیت الله الحرام بعد أن أدى فریضة الحج وكانت بمثابة حجة الوداع الأخیر وهو في طریقه لمخاطبة أول وآخر مؤتمر
لشباب وطلاب الحزب الاتحادي الدیمقراطي القادمین من كل بلاد العالم والسودان ولكن مشیئة الله لم تمكنه من ذلك اللقاء المهم حیث
لاقى ربه مساء یوم وصوله للعاصمة أثینا لیفجع كل العالم وكل أهل السودان بالمصاب الجلل الذي تناقلته كل وسائل الإعلام الدولیة
باعتباره زعیم المعارضة السودانیة السیاسي المفكر الباحث عن الحریة والدیمقراطیة لشعبه والداعم والمساند لكل حركات التحرر
الإفریقیة والعربیة. ولقد كرمه الله بأن صلي على جثمانه الطاهر في ثلاث قارات بالیونان في قارة أوربا والعراق في آسیا وطرابلس
بقارة افریقیا حتى الخرطوم التي خرجت عن بكرة أبیها لاستقبال جثمانه الطاهر وكل الجزیرة وقراها تكن المحبة للفقید والمرتبطة بنضالاته
من أجل الإنسان السوداني، ولكن نظام جعفر نمیري الذي ارتعدت أوصاله عندما حطت طائرة الشهید في مطار الخرطوم قد جزع وخاف
حتى من ذلك الجسد المسجى مما جعله یطوق كل المطار بالدبابات والعربات المدرعة ویقوم باعتقال المرافقین له مما یؤكد قوة وعظمة
الشریف حسین الهندي حیاً ومیتاً.

ولد الشریف حسین یوسف الهندي في حي بري الشریف في منتصف عام 1924 م، ورعاه وأشرف على تربیته وإعداده خاله علیه رحمة
الله أحمد خیر المحامي أحد مؤسسي مؤتمر الخریجین وأكمل دراسته الجامعیة بكلیة فكتوریا بالاسكندریة واقتحم العمل السیاسي في وقت
مبكر بعد فوزه في دائرة “الحوش” بالجزیرة عام 1957 م، عن دوائر الحزب الوطني الاتحادي وآثر الابتعاد عن السودان بعد إنقلاب
الفریق عبود مقیماً في القاهرة وصدیقاً لكثیر من المفكرین والكتاب وعلى رأسهم عباس محمود العقاد وأیضاً كانت تربطه صداقة بالرئیس
الراحل جمال عبد الناصرولومبا بالكنغو وكان حريص علي انقاذه قبل قتله وبعد ثورة أكتوبر عام 1964 م، أصبح وزیراً للري ثم وزیراً للمالیة حتى انقلاب نمیري في عام 1969 م،
لیخرج من السودان إلى أثیوبیا معارضاً للحكم العسكري إلى أن تكونت الجبهة الوطنیة في لیبیا والتى كانت تضم الحزب الاتحادي
الدیمقراطي وحزب الأمة وحزب الأخوان المسلمین وشارك وخطط للثورة الشعبیة المسلحة في یولیو 1976 م، بقیادة القائد العسكري
العمید محمد نور سعد إلا أن فشل الإطاحة بنظام نمیري سرعان ما أعاد السید الصادق المهدي والدكتور حسن الترابي للسودان
متصالحین مع النظام لیبقى الشهید الشریف حسین الهندي على موقفه المعارض وقائداً للحزب الاتحادي الدیمقراطي ومجموعات من
المعارضین للحكم في السودان حتى وفاته في التاسع من ینایر عام 1982 م.
كان شهیدنا الشریف حسین الهندي یتمتع بمزایا وخصال قل ما تجدها في قادة العمل السیاسي وله من المواهب الخطابیة وسرعة البدیهة

. كما اشتهر الشریف حسین بتعلیم الطلاب السودانیین في الجامعات البریطانیة بصرف النظر عن اتجاهاتهم السیاسیة فقد

كان الشریف حسین الهندي كاتباً ومفكراً من طراز فرید وخطیباً مفوهاً یرتجل الحدیث في منابر السیاسة دون أوراق أو شيء مكتوب كما
عرف بمیوله العروبیة والقومیة، مؤكداً دائماً بأن الإسلام رسالة إنسانیة تخاطب مختلف السلالات والاعراق. وكان دائماً یقول “إننا لا
نعتقد بأن القومیة العربیة متناقضة مع وجودنا الإفریقي فنحن المصیر الحقیقي للامتزاج بین المنطقة العربیة والإفریقیة”.
لقد كان علیه رحمة الله موسوعة في الفهم السیاسي وطبیعة السودان القبلیة والعرقیة وعاشقا للحریة واستدامة الدیمقراطیة في كل بلدان
العالم خاصة في افریقیا، وكان یفرق ما بین ثوابت الوطن ومعارضة النظام في الخرطوم حیث لا یقبل المساس بتراب السودان من أي
أطماع خارجیة الارحم الله شريفنا واسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

20 − 8 =

زر الذهاب إلى الأعلى