
شارك سعادة السفير نادر يوسف الطيب، سفير جمهورية السودان لدى الجمهورية التركية، مساء الامس كمتحدث رئيسي في الجلسة الحوارية “The Quest for Peace in Sudan – Ongoing Conflict in the Heart of Africa” التي نظمتها رئاسة دائرة الاتصالات برئاسة الجمهورية التركية، وذلك في مقر الدائرة بأنقرة، بمشاركة نخبة من الخبراء والأكاديميين، من بينهم البروفسور أنور أربا عضو هيئة التدريس بجامعة العلوم الاجتماعية في أنقرة، والدكتورة ميادة كمال الدين عضو هيئة التدريس بجامعة غازي عثمان باشا، والدكتور تونج دميرتاش الباحث في مؤسسة سيتا والمختص في الشأن الأفريقي، وذلك بإدارة الأستاذ المشارك بورا بايراكتر رئيس قسم الاتصال الاستراتيجي وإدارة الأزمات بدائرة الاتصالات.
استُهلّت الفعالية بكلمة افتتاحية ألقاها البروفيسور برهان الدين دوران، رئيس دائرة الاتصالات، الذي أكد أن السودان يقف في قلب التحولات الجيوسياسية في إفريقيا، وأن ما يجري فيه يتجاوز كونه نزاعاً داخلياً ليعكس أزمة ذات أبعاد دولية وإقليمية معقدة. وأشار إلى أن تركيا ترى تحقيق السلام في السودان ضرورة استراتيجية وإنسانية، وأنها ستواصل دورها الفاعل في دعم الحوار وإنهاء المعاناة الإنسانية.
وخلال مداخلته، قدّم سعادة السفير نادر يوسف الطيب عرضاً شاملاً لتطورات الوضع في السودان، مسلطاً الضوء على الانتهاكات الواسعة التي ترتكبها المليشيا المتمردة، ومؤكداً خطورة الدعم العسكري والمالي الذي تقدمه الإمارات العربية المتحدة لهذه المليشيا بما أسهم بصورة مباشرة في إطالة أمد الحرب وتعميق المأساة الإنسانية. وأكد أن السودان يمتلك ما يكفي من الأدلة لإثبات هذا الدعم، وأن الحكومة الشرعية ستواصل اتخاذ الخطوات القانونية والدبلوماسية لمحاسبة المتورطين.
وأوضح سعادته أن جوهر المأساة في السودان مرتبط بطبيعة الهجمات الممنهجة التي تستهدف المدنيين والبنى التحتية الحيوية سعياً لفرض واقع جديد بالقوة، مشيراً إلى أن نمط الانتهاكات—من القتل الجماعي إلى التهجير والتجويع المتعمد—يعبّر عن مشروع يستهدف تقويض الدولة ومؤسساتها الشرعية. وشدد على أن صمود الشعب السوداني، إلى جانب دعم الشركاء الدوليين للمسار الشرعي، يشكلان الأساس لأي عملية سلام جادة ومستدامة.
كما قدّم المشاركون الآخرون تحليلات مكملة للصورة العامة للصراع؛ حيث أشار الدكتور تونج دميرتاش إلى أن الآلية الرباعية لم تتمكن حتى الآن من تحقيق اختراق حقيقي بسبب تضارب مصالح بعض أطرافها، مما حدّ من فعاليتها في دفع العملية السلمية، مؤكداً أن استمرار الدعم الخارجي للمليشيا يعرقل أي تقدم نحو حل دائم. من جانبه تناول البروفسور أنور أربا الجذور التاريخية والسياسية للأزمة مع التأكيد على أهمية الحفاظ على وحدة السودان واستقراره، فيما ركزت الدكتورة ميادة كمال الدين على التداعيات الإنسانية الخطيرة، ولا سيما موجات النزوح والانهيار المتسارع للخدمات الأساسية، مشددة على ضرورة تكامل الجهود الإقليمية والدولية لحماية المدنيين وتهيئة بيئة ملائمة لمسار سياسي شامل.



