
أثار ردود أفعال واسعة وحصد إعجاب خبراء اقتصاديين..
..
منحُ السعودية 100 مشروع بـ100 مليار دولار للشراكة وإعمار السودان..
مطالبات بتطبيق نظام (BOT) لتأثيراته القوية على النهوض بالبنية التحتية..
وزير النفط الأسبق يستعرض تجرية السودان الناجحة مع نظام (BOT)..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
أصداء واسعة أثارها إعلان رئيس الوزراء السفير الدكتور كامل الطيب إدريس عن تخصيص 100مشروع استثماري للمملكة العربية السعودية، بقيمة 100مليار دولار، حيث وُصفت الخطوة بالذكية التي تجمع بين تعزيز الشراكة الدبلوماسية وترسيخ التعاون الاقتصادي بين الخرطوم والرياض، وتعمل على فتح الباب واسعاً أمام استثمارات سعودية استراتيجية في ساحل البحر الأحمر الأمر الذي سيسهم في إعادة إعمار السودان وترقية بنياته التحتية المدمرة بالحرب، وتؤسس الخطوة لشراكة ذكية تحقق مصالح متبادلة وتدعم الاستقرار والتنمية في المنطقة.
السودان والاستثمار الخليجي:
وبإجماع مراقبين فأن توجه حكومة الأمل لخطب ودِّ التعاون الاستثماري وتبادل المصالح الاقتصادية مع المملكة العربية السعودية، يضع السودان على خارطة الاستثمار الخليجي بقوة، ويضع في الوقت نفسه للسعودية موطئ قدم استراتيجي على ساحل البحر الأحمر الغني بالفرص في مجالات الموانئ، واللوجستيات، والطاقة المتجددة، والثروة السمكية والسياحة البحرية، حيث يُنظر لهذه الخطوة كجزء من تكامل اقتصادي يخدم “رؤية السعودية للعام 2030م” ويمنح السودان فرصة تاريخية لإعادة بناء اقتصاده المدمَّر بفعل الحرب.
بناء، تشغيل، نقل:
ويشدد خبراء اقتصاديون على ضرورة أن يغتنم السودان هذه الرياح التي تهبُّ عليه من السعودية بتقديم وصفة منطقية تساهم في إحياء اقتصاده، وتنمية بنياته التحتية التي دمرتها الحرب، باعتماد نظام (BOT)، وهو اختصار لـ (Build – Operate – Transfer). أي “البناء – التشغيل – النقل”، ويعني أن تمنح الحكومة لشركات استثمارية أجنبية أو محلية امتيازاً لتشييد مشروع ضخم (مثل ميناء أو محطة طاقة)، وتشغيله لفترة زمنية محددة لاسترداد كلفته وتحقيق أرباح، ثم نقله ملكيته وإدارته لاحقاً إلى الدولة، وبالتالي فإن هذه الخطوة ستكون وفقاً لمراقبين بمثابة نقطة تحول في العلاقات السودانية – السعودية، بحيث تنتقل من التعاون التقليدي القائم على الدعم والمساعدات إلى شراكات استثمارية منتجة، تعزز التكامل الاقتصادي والإقليمي في منطقة البحر الأحمر.
وصفة ناجعة:
ويخفف نظام ال (BOT ) العبء المالي عن الخزينة السودانية، ويضمن استقطاب استثمارات ضخمة دون اللجوء إلى الاقتراض أو الإنفاق الحكومي المباشر، مع بقاء المشروع في نهاية المطاف ضمن السيادة الوطنية، وبالتالي فإن منح المشاريع الاستثمارية للسعودية، إذا ما تمت عبر عقود شفافة ووفق نظام ال (BOT)، يمكن أن يمثل وصفة ناجعة لإعمار السودان في ثلاثة مسارات رئيسة، بحيث يهتم المسار الأول بترقية البنية التحتية، بإنشاء موانئ حديثة على البحر الأحمر، وتحديث شبكات الطرق والسكك الحديدية، وتوسيع شبكات الكهرباء، فيما يعمل المسار الثاني على إنعاش الاقتصاد المحلي بتوفير فرص عمل لعشرات الآلاف من السودانيين، وتحريك عجلة الإنتاج الوطني عبر شراكات مع القطاع الخاص المحلي، على أن يعزز المسار الثالث من واقع الاستقرار السياسي بتحويل الاستثمارات الكبرى إلى مشاريع ملموسة وذات أثر في حياة الناس، مما يساعد على خلق بيئة داعمة للاستقرار وتعزيز ثقة المواطن في حكومته.
تجربة ناجحة:
ويرحب بروفيسور محمد زايد عوض، وزير النفط والغاز الأسبق والخبير في مجال النفط، بطرح فكرة اعتماد نظام البناء والتشغيل ثم التحويل (BOT) في تنفيذ المشروعات الاستراتيجية الكبرى بالسودان، واصفاً إياها بالخطوة الاقتصادية الممتازة التي تسهم في حل مشكلات التمويل وتوطين الخبرات، وقال زايد في إفادته للكرامة إن هذا النظام يتيح لشركات مقتدرة، سواء كانت حكومية أو خاصة، إنشاء منشآت ضخمة مثل خطوط السكك الحديدية أو أنابيب النفط بتمويلها الخاص، على أن تعود ملكيتها للحكومة بعد فترة زمنية يتم تحديدها وفق حسابات العائد والربحية، ومضى وزير النفط والغاز الأسبق في استعراض التجربة السودانية في إنشاء خطوط أنابيب النفط التي قال إنها اعتمدت على هذا الأسلوب، حيث بلغ متوسط تكلفة الخط الواحد نحو ستة مليارات دولار، وهو مبلغ لم تكن الحكومة قادرة على تدبيره في حينه، وزاد عوض: “من خلال هذه الشراكات استطعنا بناء خطوط أنابيب ضخمة كانت تدر على السودان ما يقارب المليار دولار سنوياً من رسوم العبور، إلى جانب توفير فرص عمل، وتدريب الكوادر الوطنية، وتوطين تقنيات الصيانة والتشغيل داخل البلاد، وأكد الوزير الأسبق للنفط والغاز أن هذه الرؤية الاقتصادية تطرح حلولاً عملية لمعضلات التنمية، وتعد تفكيراً استراتيجياً سليماً يمكن أن يسهم في دفع عجلة الاقتصاد السوداني خلال المرحلة المقبلة.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر تبقى المعطيات الراهنة والتي أفرزتها حرب الخامس عشر من أبريل 2023م، دافعاً قوياً ليتجه السودان إل تنفيذ شراكات ذكية وفق آلية الـ BOT، وأن نجاح السودان في إدارة مثل هذه الشراكات سيجعله نموذجاً يحتذى لدولة خارجة من الحروب، ونجحت في توظّيف مواردها الطبيعية، واستثمار موقعها الجغرافي، من أجل إعادة الإعمار، ومدِّ جسور التنمية والازدهار، وتجاوز كل ما خلفته الحرب من خراب وهدم دمار.