أخر الأخبار

عصام حسن علي يكتب : المسيرات الانتحارية في شرق السودان: سلاح حرب نفسية بإيعاز إماراتي

الخرطوم : الحاكم نيوز

في خطوة تعكس يأساً ميدانياً واستراتيجية قائمة على الحرب النفسية، أطلقت مليشيا “آل دقلو” الإرهابية مؤخراً مسيرات انتحارية مزودة بمحطات تقوية استهدفت مناطق في شرق السودان. هذه الهجمات لا تُقرأ في سياق عسكري تقليدي، بل تأتي كردة فعل واضحة على الضربة القاضية التي وجهتها القوات المسلحة السودانية لمطار نيالا، والتي أسفرت عن تدمير منظومات تشويش متقدمة، معدات عسكرية ضخمة، ومقتل ضباط وخبراء أجانب – معظمهم يحملون الجنسية الإماراتية.

الهدف الأساسي من هذه الطائرات الانتحارية لم يكن تحقيق مكاسب عسكرية ميدانية – فهي تفتقر للدقة والتأثير الحاسم – بل كان توجيه رسالة إعلامية ونفسية مركبة. فهي من جهة تسعى لرفع الروح المعنوية لعناصر المليشيا بعد الانهيار المعنوي الذي خلفه تدمير مطار نيالا، ومن جهة أخرى تحاول إشعار الرأي العام المحلي والإقليمي أن المليشيا لا تزال قادرة على تنفيذ عمليات هجومية في عمق المناطق الآمنة.

المؤشرات التقنية المرتبطة بهذه المسيرات، خصوصاً احتواؤها على “محطات تقوية”، تؤكد وجود دعم استخباراتي وتكنولوجي خارجي، يُعتقد على نطاق واسع أنه إماراتي. هذا النوع من التقنيات لا يتوفر لمليشيا محلية منعزلة عن شبكات التسليح الرسمية، مما يكرّس فرضية أن دويلة الإمارات لا تزال تدير بشكل غير مباشر غرفة عمليات سرية داخل السودان، عبر وكلائها في الميدان.

كما أن توقيت الضربة يعكس رغبة في تحويل الانتباه بعيداً عن خسائر نيالا الفادحة، ومحاولة إثبات رمزي للقدرة على الرد، حتى وإن كان الرد عبثياً وغير فاعل عسكرياً. وهذا ما يرسّخ فكرة أن هذه المسيرات جزء من “عرض نفسي” أكثر من كونها أدوات قتال فعلي.

الرسالة التي أرادت مليشيا “آل دقلو” – ومن ورائها الداعم الإماراتي – إيصالها عبر هذه العمليات مفادها أن المعركة لم تنته، وأنها لا تزال قادرة على خرق الطوق الجغرافي والنفسي. غير أن الواقع الميداني، بعد ضربة مطار نيالا، يشي بعكس ذلك تماماً: فالمليشيا تتآكل، والداعم الخارجي بات أكثر تورطاً، وأقل قدرة على تغيير مسار الحرب المتجه بوضوح نحو الحسم لصالح الدولة السودانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى