أخر الأخبار

وجه الحقيقة – إبراهيم شقلاوي – استهداف د. جبريل إبراهيم

من اللافت أن حملات الاستهداف الإعلامي والسياسي التي تطال الدكتور جبريل إبراهيم، وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، تعود إلى الواجهة مجددًا، وهذه المرة عبر ادعاءات ببيع هياكل سيارات المواطنين المحروقة لشركة مصرية. وعلى الرغم من صدور نفي رسمي قاطع من وزارة المالية، يؤكد بوضوح عدم صحة هذه المزاعم وينفي وجود أي صلاحية قانونية للوزارة للتصرف في ممتلكات المواطنين الخاصة، إلا أن توقيت الحملة وطريقة إخراجها يطرحان تساؤلات عميقة حول خلفياتها وأهدافها.

المقطع المصور الذي تم تداوله على نطاق واسع، والمنسوب لقناة مصرية، يحمل بصمات إنتاج مدروس لا تنقصه الحرفية التقنية، لكنه يفتقد للمصداقية والواقعية. حيث استند على مشاهد عشوائية للسيارات المحترقة في العاصمة، وهو أمر متاح أصلاً عبر وسائل الإعلام، دون أن يقدم أي دليل ملموس على عملية البيع المزعومة، مكتفيًا بعبارات مقتطعة وتصريحات مبتورة لمسؤولين مصريين وسودانيين، دون التوثيق الكامل أو إبراز أقوال مباشرة من الوزير نفسه.

إن إقحام اسم د. جبريل إبراهيم دون الاستناد إلى مصدر رسمي أو تصريح موثق، يكشف أن الحملة لا تستهدف فقط شخص الوزير بل تمتد لتطال الحركة السياسية التي ينتمي إليها، وتحديدًا حركة العدل والمساواة. وهو أمر يتضح من البيان الذي أصدرته الحركة، على الرغم من أن القضية إدارية قانونية كان الأولى أن يتولاها الناطق الرسمي للوزارة أو المستشار القانوني، بعيدًا عن تسييسها أو تحميلها أبعادًا حزبية.

الأخطر في هذه الحملة يكمن في توقيتها. إذ تأتي متزامنة مع التقدم الميداني الذي تحرزه القوات المسلحة السودانية على الأرض، خاصة مع سقوط آخر معاقل المليشيا المتمردة في ولاية الخرطوم. وهو ما يثير شبهة وجود محاولة مدروسة لصرف الأنظار عن انتصارات الجيش، بضرب رموز التحالفات التي دعمت خيار الدولة الوطنية، وفي مقدمتها رموز حركات دارفور التي أبدت مواقف واضحة في دعم الاستقرار والتحالف مع القوات النظامية.

من جهة أخرى، لا يمكن إغفال السياق الأوسع لحملات الاستهداف التي طالت د. جبريل منذ توليه وزارة المالية. إذ تشير المتابعة الدقيقة إلى أن حجم الإشاعات الممنهجة ضده بلغ مستوى غير مسبوق مقارنة بأي مسؤول تنفيذي أو سياسي آخر. وهو ما يعكس رغبة دفينة لدى الأطراف المعادية في إضعاف تحالف الحركات المسلحة مع الدولة السودانية، والتشكيك في ولاء قياداتها التي اختارت العمل ضمن مؤسسات الدولة بدلاً من الانخراط في مشروع الفوضى الذي تقوده مليشيات ودول إقليمية معلومة.

الخبير الإعلامي سيف الدين حسن لخص المشهد حين أشار إلى أن فبركة الفيديو واضحة لكل ذي بصيرة، وأن الهدف يتجاوز الوزير إلى محاولة “حرقه” سياسيًا، بما يؤدي إلى اهتزاز حزبه وتياره. وبالفعل، فإن هندسة الحملة بهذا الإخراج الموجه، مع الاعتماد على تقنيات تضليلية وربما الذكاء الاصطناعي لإخفاء المذيعين وتحريف التصريحات، يكشف أن وراءها غرفًا إعلامية خارجية اعتادت ضرب استقرار السودان وتشويه رموزه.

في المحصلة، بحسب ما نراه من #وجه_الحقيقة يبدو أن استهداف د. جبريل إبراهيم ليس معزولًا، بل يأتي في إطار معركة أوسع لضرب مؤسسات الدولة وتحالفاتها الوطنية في لحظة فارقة. ولكنّ قراءة متأنية للمشهد تكشف هشاشة هذه الحملات وضعف مرتكزاتها أمام وعي الشارع السوداني الذي خبر جيدًا أدوات الفبركة وأساليب الحرب الإعلامية.
دمتم بخير وعافية
الخميس 20 مارس 2025 م. Shglawi55@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى