أخر الأخبار

رشان اوشي تكتب :آخر المعارك المصيرية

مطلع هذا العام 2025، سيتذكره التاريخ السوداني طويلاً، لأحداثٍ رمزية تمخضت عن هزيمة مليشيات “الدعم السريع” في عدة محاور على ميدان القتال ، هي هزيمة لـ ميليشيات وتنظيمات، ولمشروع إقليمي ضخم ذي امتدادات وعلاقات ومصالح دولية كبرى.

ويشهد مسرح الأحداث آثار هذه الهزيمة في الموقف الأمريكي المتمثل في العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة على رئيس مجلس السيادة والقائد العام للجيش “البرهان”، وحملات التحريض العنصري التي نفذتها قيادات حلف “تقدم” ونتج عنها استهداف الجالية السودانية بدولة جنوب السودان .

منذ العام ٢٠١٩م، كان السودان دولة “مختطفة” أو “رهينة” ، وبكل الأحوال “شبه دولة” سياسياً، واقتصادياً وسيادياً، والآن يعيش حرباً طاحنةً، وتدخل فيها سياسياً وأمنياً غالب دول المنطقة، واختلفت قوة الأطراف داخلها بحسب المراحل الزمنية.

السودان اليوم ساحة صراع دولي واقليمي، هذه حقيقة اكتشفها السودانيين اثناء الحرب وربما قبل اندلاعها، ولكن ما يحتاجونه الآن هو مجاراة فرحتهم والأمل الكبير الذي سكنهم، بعد أن رأوا ما لم يتحقق في قرابة عامين، وتركهم نهباً للفراغ، يُنجز مضاعفاً في أسابيع ،بتحقيق انتصارات مفصلية على العدوان المليشي ، وبالتالي المضي قدماً في هزيمة مشروع دولي يستهدف سيادة البلاد .

الموقف الامريكي ضد رئيس مجلس السيادة ،هو (انتصار)، لأنه سيدفع الدولة لأن تبدأ طريقاً جاداً في العودة لنفسها ولشعبها، والتوقف عن مطاردة سراب الانخراط في الحلف الغربي.

العقوبات الأمريكية على رئيس مجلس السيادة والتي جاءت رغم مواقفه المهادنة للمشروع الغربي في السودان ، تعتبر نقطة حاسمة ستغلق الباب أمام انتظار رضا “الأمريكان” ورفع العقوبات التي فرضت ابان نظام “البشير” ، الشعب السوداني جدير بمستقبلٍ زاهٍ لا تتحكم فيه أي محاور إقليمية.

أدرك السودانيون مبكراً، وقرأوا جيداً من كتاب التجارب الإقليمية ، والانظمة الحاكمة التي رهنت قرارها الوطني لمصالح حلفاءها الدوليين،أن الأنظمة التابعة لا تستطيع أن تبني تنمية، ولا تستطيع أن تحارب وتنتصر، ولا تستطيع أن تُشيد أوطاناً.

الحاضنة السودانية أدت دورها بإتقان، و أنتجت مشهداً تاريخياً أبهر العالم، حين انخرطت في صفوف معركة الدفاع عن السيادة ، وما زالت تقاوم لتفتح الطريق الى سودان الغد ، وكان أفضل ما فيه جرأة مواجهة استقواء الداخل بالخارج في الصراع الداخلي المدمر للوطن والدولة والمجتمع.

وفي ذات الوقت، دولياً.. لا يمكن الاستغناء عن السودان ، فهو مفتاح أفريقيا منذ القدم، ، بالنسبة للاستراتيجيتين الغربية والشرقية ، فمسألة ركنه في درج النسيان كما يلوح الغرب غير حقيقي ، السودان منطقة جيوسياسية مهمة للجميع ، وبات لزاماً على القيادة الاتجاه نحو الحلف الذي يضمن مصالح بلادنا داخلياً وخارجياً.

يجب أن يدفع الموقف الأمريكي المفعم بالابتزاز ، قيادة الدولة إلى وضع يدها مع الشرقيين ، (تركيا وإيران وروسيا)، فقد كان السودان مزدهراً في حقبة سابقة ، استخرجت “الصين” البترول ، وبالتالي انتعشت البلاد اقتصادياً، وبلغ سعر الدولار جنيهين، أما (روسيا وإيران) فقد ساهمتا في تطوير الترسانة الحربية السودانية ، التي ظهرت في مصانع السلاح التي كانت تحقق اكتفاء ذاتي للجيش السوداني ، ودمرتها مليشيات التمرد أثناء الحرب .

آن الأوان لأن تتخلى القيادة السودانية عن مواقفها الضبابية وسياسة الامساك بالعصا من المنتصف ، وأن تخرج للعالم في موقف جريء يعبر عن دولة قوية ذات سيادة ، وليس نظام مفكك يلهث طالباً رضا المستعمر .

محبتي واحترامي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى