جاءت هذه الخطوة وسط أجواء سياسية متوترة وخلافات داخلية، وواجهت انتقادات حادة من المعارضة، التي اعتبرت أن هذا القرار يأتي على حساب الأمن القومي.
ووفقًا لصحيفتي “تايمز أوف إسرائيل” و”يديعوت أحرونوت”، تتسارع ردود الفعل المعارضة على هذه الإقالة، بينما رحّبت بها الأحزاب الأرثوذكسية المتشددة، معتبرة أن القرار يخدم أجندتها السياسية.
تصاعد الاحتجاجات
فور إعلان نتنياهو قراره بإقالة جالانت، دعا رئيس حزب الديمقراطيين، يائير جولان، إلى النزول للشارع تعبيرًا عن الاحتجاج، مغردًا على حسابه في منصة “إكس” بقوله: “انزلوا إلى الشوارع!”.
وانتقد رئيس حزب الوحدة الوطنية، بيني جانتس، القرار، مشيرًا إلى أن “السياسة أصبحت تتفوق على الأمن القومي”، فيما علّقت النائبة أوريت فركاش هاكوهين من حزب الوحدة الوطنية بقولها إن “هذه الحكومة لا تتورع عن اتخاذ قرارات خطيرة”، في إشارة إلى تأثير القرار على الأوضاع الأمنية في ظل الحديث عن تهديدات إيرانية متوقعة ضد دولة الاحتلال.
جالانت يرد ونتنياهو يبرر
من جانبه، ردّ جالانت على القرار ببيان مقتضب أكد فيه “أن أمن دولة إسرائيل سيبقى دومًا مهمة حياته”. كما انتقد مسؤول حكومي كبير هذه الخطوة، واصفًا إقالة جالانت بأنها “تضحية على مذبح قانون التهرب من التجنيد”.
وبرر نتنياهو قراره بإقالة جالانت بالقول “إنّ العلاقة بينه وبين وزير الدفاع شهدت تراجعًا كبيرًا في الثقة، خاصة في الأشهر الأخيرة من الحرب”، وأضاف: “في خضم هذه الحرب، يجب أن تتوفر الثقة الكاملة بين رئيس الوزراء ووزير الدفاع”.
وأوضح نتنياهو، أن العلاقة بينهما تصدعت بسبب تباين وجهات النظر حول إدارة الحملة الانتخابية، مضيفًا أن “الخلافات بيننا خرجت إلى العلن وأصبحت معروفة للعدو، مما منح أعداءنا فرصة لاستغلال ذلك”، مضيفًا “أن محاولاته لرأب الصدع باءت بالفشل، والوضع لم يعد يحتمل، وكان يجب اتخاذ القرار الصعب بإنهاء مهام جالانت”.
دور الأحزاب الحريدية في الإقالة
إلى جانب تعيين يسرائيل كاتس وزيرًا للدفاع، أعلن نتنياهو أن جدعون ساعر سيتولى منصب وزير الخارجية، وأكد نتنياهو أن “ساعر، بخبرته الواسعة في السياسة والأمن، سيكون إضافة مهمة لفريق القيادة، مشددًا على أن هذه التعديلات تهدف إلى تعزيز استقرار الحكومة.
ووفق “يديعوت أحرونوت”، فإن الإقالة لاقت ترحيبًا من الأحزاب الأرثوذكسية المتشددة، التي دعمت هذه الخطوة نظرًا لمعارضة جالانت لسياسات الحريديم.
ووفقًا لمصادر في حزب “يهودية التوراة”، كان عضو الكنيست إسحاق جولدكنوبف لعب دورًا أساسيًا في تنسيق هذه الخطوة، حيث ساهم في الضغط على نتنياهو لإقالة جالانت، واعتبرت المصادر أن هذا القرار سيتيح لهم المضي قدمًا في تمرير قوانين تدعم مصالح الأحزاب الحريدية.
ردود فعل المعارضة
واستمرت ردود الفعل الغاضبة من المعارضة، حيث انتقد بيني جانتس قرار الإقالة، معتبرًا أنه “يضحي بالأمن القومي لأجل السياسة”، وودعا جولان، رئيس حزب الديمقراطيين، إلى استمرار الاحتجاجات، مخاطبًا الشعب قائلًا: “ندعو رؤساء الجامعات والكليات إلى الانضمام للاحتجاج، ونحثّ القادة الاقتصاديين على وقف العمل، كما نناشد رؤساء الأجهزة الأمنية برفع الصوت”، مؤكدًا أن نتنياهو يقود البلاد نحو “مسار خطر”.
تداعيات على ملف المحتجزين
من جهة أخرى، عبّرت أسر المحتجزين الإسرائيليين عن استيائهم من هذا القرار، واعتبروا أن إقالة جالانت تشير إلى أولويات غير ملائمة لدى الحكومة، حيث صرّح ممثلو عائلات المختطفين أن “تحقيق الأهداف العسكرية في قطاع غزة، مثل القضاء على قيادة حماس وهدم بنيتها التحتية، يتطلب تكاتفًا قويًا بين جميع الأطراف لتحقيق النصر”.
وطالبوا وزير الدفاع الجديد، يسرائيل كاتس، بالالتزام العلني بإعادة جميع المختطفين ودفن الشهداء، مؤكدين أن النصر الحقيقي لن يتحقق إلا بعودة المختطفين وإنهاء الحرب.
وأضاف ممثلو العائلات أن استبدال غالانت قد يهدد فرصة إسرائيل في إبرام صفقة تضمن إطلاق سراح المختطفين، وأن المصلحة الوطنية يجب أن تتقدم على الحسابات السياسية.
تأتي إقالة جالانت لتزيد من توتر الأوضاع السياسية في إسرائيل وسط حالة من الاستقطاب الحاد، فبينما ترى الأحزاب الحريدية في هذا القرار خطوة إيجابية تخدم مصالحها، تنظر المعارضة إلى الإقالة بوصفها تضحية بالأمن القومي من أجل تحقيق أهداف سياسية ضيقة.
ومع استمرار دعوات التظاهر، يبقى مستقبل الحكومة في مهب الريح، حيث سيتعين على نتنياهو مواجهة احتجاجات الشارع وردود فعل المعارضة الغاضبة، وسط توقعات بمزيد من الاضطرابات